من الله تعالى عليكم ورأفة بكم ، فتطهر نفوسكم وتتزكى ، فتأخذوا الحيطة لئلّا تعودوا إلى القتل ولو كان خطأ.
ويحتمل أن يرجع هذا القيد إلى خصوص الأخير ، أي : أن إيجاب الصوم بدلا عن عتق الرقبة إنّما هو توبة وعطف منه عزوجل عليكم ، فكان تخفيفا من الله تعالى عليكم.
قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
أي : أنّ الله تعالى عليم بمصالح العباد وأحوال النفوس وحكيم في تشريع الأحكام ، فهو جلّ شأنه يشرّع فيها ما يهديكم إلى الرشاد وما تصلح به النفوس وما يوجب سعادتكم في الدارين.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها).
بيان للقتل العمديّ المستفاد من الآية المباركة السابقة صدرا ومفهوما ، من كونه ليس من شأن المؤمن أن يصدر منه هذا النوع من القتل.
والتعمد : هو القصد إلى الفعل بالعنوان الّذي له عن علم به ، يقال : «فعله عمدا» ، أي : قصدا لا خطاء ولا عن طريق الاشتباه ، بل كان عن التفات ويقين.
والقتل : هو إزهاق الروح ، وهو على قسمين ـ كما تقدّم ـ مقصود وهو العمد ، وغير مقصود وهو القتل خطاء.
وإنّما كان جزاء القتل العمد عظيما لفظاعته ، ولأنّه ينافي الإيمان.
قوله تعالى : (وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ).
أي : أنّه مضافا إلى أن جزاءه جهنّم خالدا فيها ، أنّه غضب عليه انتقاما منه للقاتل لشناعة فعله ، ولعنه تعالى فأبعده عن رحمته.
قوله تعالى : (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً).
لا يعلم قدره ولا كنهه أحد إلّا الله تعالى ، والعذاب : هو كلّ ما شقّ على الإنسان واشتدّ عليه ، وهو تارة نفسي ، كالمنع عن المراد مثلا ، وذلك على أنواع