وجملة (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) قيل : إنّها حاليّة بتقدير «قد» ، وقيل : إنّها عطف على (حَنِيفاً) ، وقيل : إنّها عطف على (مَنْ أَحْسَنُ) ، والحقّ أنّها جملة بيانيّة مستقلّة متضمّنة لتعليل ما سبق.
بحث دلالي :
تدلّ الآيات المباركة على أمور :
الأوّل : يستفاد من ترتّب قوله تعالى : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) على قوله تعالى : (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) أنّ هذه الأماني من غرور الشيطان وأمانيه ، الّتي تضرّ بحال الإنسان وتصدّه عن نيل الكمال والبلوغ إلى مقام القرب وتحصيل السعادة.
الثاني : يدلّ قوله تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) على أنّ الجزاء مترتّب على العمل كترتّب المعلول على العلّة التامّة بحسب سنّة الله تعالى : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً) [سورة فاطر ، الآية : ٤٣] ، وعمومه يشمل كلّ جزاء ، سواء كان في الدنيا أو في الآخرة ، وسواء كان الجزاء حكما شرعيّا أو لم يكن كذلك ، وهو يدلّ أيضا على أنّ ما يصيب الإنسان من السوء في الدارين إنّما يكون من سوء فعله ، وتدلّ عليه جملة من الروايات الآتية في البحث الروائي. وذكرنا أنّ إطلاق السوء يشمل حتّى السيئات العرفية ومساوئ الأخلاق ، فضلا عن المحرّمات الإلهيّة والمعاصي والمنكرات.
الثالث : يدلّ قوله تعالى : (يُجْزَ بِهِ) أنّ الجزاء يترتّب على فعله ، بلا فرق بين أن يكون متوجّها إلى نفسه أو إلى من يتعلّق به ، فما يصيب الأطفال والأعقاب إنّما يكون نتيجة فعل الآباء والأجداد ، وتدلّ عليه جملة من الروايات ذكرنا بعضها في المباحث السابقة ، وفي ذلك حكم كثيرة لعلّنا نتعرّض لها في مستقبل الكلام بعد