(حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) ، وقال : إنّما كلّفتم اليسير من الأمر ، أن تذكروا الله».
أقول : الرواية في مقام الامتنان ؛ لأنّه تعالى كلّفه بالتحريض.
وفي تفسير العياشي عن جعفر بن محمد عليهالسلام قال : «ما سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئا قط؟ فقال : لا ، إن كان عنده أعطاه ، وإن لم يكن عنده قال : يكون إن شاء الله ، ولا كافئ بالسيئة قط ، وما لقي سرية مذ نزلت عليه : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) إلّا وليّ بنفسه».
أقول : ما ورد في هذه الرواية من كمال الأدب الّذي خصّه الله تعالى به ، حيث قال صلىاللهعليهوآله : «أدّبني ربّي فأحسن تأديبي» ، وقد سار على هذا النهج آله الطاهرون والعلماء العاملون والعرفاء الشامخون ، بل المؤمنون المتوجّهون.
بحث فلسفي
قد ثبت في الفلسفة الإلهيّة ـ وغيرها ـ أنّ كلّ ما في عالم الشهادة ـ وغيرها ـ من المسبّبات والمعلولات تتبع في كمالاتها ورقيّها ـ بل في تجرّدها وبساطتها ـ أسبابها وعللها ، فكلّ ما في العلّة أو السبب من الكمال والرقي والشرف والعلو ، كان للمعلول أو للمسبّب نصيب منها حسب اللياقة والنسبة ، وقد جعلوا ذلك قاعدة مسلّمة عندهم غير قابلة للاخترام ـ كما هي شأن جميع القواعد الفلسفيّة مطلقا ـ لأنّ التخلّف عنها يستلزم سقوط التناسب والعلاقة بين الأسباب والمسبّبات والعلل والمعلولات ، فيوجب الخلف أو الانفكاك بينهما لفرض التفكيك.
ولا تنافي بين هذه القاعدة وبين قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) [سورة الروم ، الآية : ١٩] ، لأنّهما من الأمور الإضافيّة ، ولكلّ منهما مراتب متفاوتة ودرجات مختلفة.