إلّا بالإعانة والاستعانة مع الآخرين ، وهذا لا ينافي التوكّل عليه تعالى والتفويض إليه جلّ شأنه ، كما ثبت في محلّه ، وإن لم يظهر له أعوان ينبغي حفظ صاحب الحقّ حقّه بما يراه من الطرق حتّى يفيقوا من غيّهم ويستعدوا للانقياد للحقّ ويتقرّبوا إليه.
وأخرج ابن منذر عن أسامة بن زيد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لأصحابه ذات يوم : «ألا هل مشمر للجنّة ، فإنّ الجنّة لا خطر لها ، هي وربّ الكعبة نور تتلألأ وريحانة تهتز ، وقصر مشيد ، ونهر مطرد ، وفاكهة كثيرة نضيجة ، وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة في مقام أبدا ، في خير ونضرة ونعمة ، في دار عالية سليمة بهيّة. قالوا : يا رسول الله ، نحن المشمرون لها. قال : قولوا : إن شاء الله ، ثمّ ذكر الجهاد وحضّ عليه».
أقول : ما ذكره صلىاللهعليهوآله جملة من صفات الجنّة إمّا لأجل الترغيب والتحريض للجهاد أو للموعظة ، وإمّا أنّ المخاطب ليس له استعداد للتلقي بأكثر منه ، فيكون من باب : «إنّا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم» ، وإلّا فصفات الجنّة لا تعدّ ولا تحصى ، كما يأتي شرح ذلك في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
وفي تفسير العياشي عن أبان عن الصادق عليهالسلام : «لما نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله : (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) قال : كان أشجع الناس من لاذ برسول الله صلىاللهعليهوآله».
أقول : ومن تلك يعرف مقدار تضحيته للإسلام وتفديه لله تعالى بعد إعراض الناس عنه صلىاللهعليهوآله.
وفيه ـ أيضا ـ : عن أبي حمزة الثمالي عن عيص ، عن الصادق عليهالسلام قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كلّف ما لم يكلّف أحد أن يقاتل في سبيل الله وحده ، وقال :