في الكافي بإسناده عن مرازم قال الصادق عليهالسلام : «إنّ الله كلّف رسول الله ما لم يكلّف به أحدا من خلقه ، ثمّ كلّفه أن يخرج على الناس كلّهم وحده بنفسه وإن لم يجد فئة تقاتل معه ، ولم يكلّف هذا أحدا من خلقه قبله ولا بعده ، ثمّ تلا هذه الآية : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) ، ثمّ قال : وجعل الله له أن يأخذ ما أخذ لنفسه ، فقال عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ، وجعل الصلاة على الرسول بعشر حسنات».
أقول : في مضمونها روايات اخرى ، وهي تدلّ على كمال قربه صلىاللهعليهوآله إليه تعالى وشرفه على سائر الأنبياء ، حيث لم تكن لهم هذه المزيّة وسائر المزايا الّتي له صلىاللهعليهوآله.
وفي الدرّ المنثور أخرج ابن سعد عن خالد بن معدان : «انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : بعثت إلى الناس كافّة ، فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب ، فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش ، فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم ، فإن لم يستجيبوا فإليّ وحدي».
أقول : الرواية نصّ في أنّه صلىاللهعليهوآله حجّة على أهل الدنيا كافّة ، وأنّ رسالته لم تختصّ بقوم دون قوم وبعصر دون آخر ؛ لأنّ دينه ورسالته السابقة توافق الفطرة الخالصة المستقيمة ، فإذا ظهر اعوجاج فيها وانحرفت عن استقامتها ، بعدت عن الإيمان به ، وقد تختصّ رسالته لنفسه ؛ لأنّ عنده الفطرة المستقيمة واللبّ الكامل ، وتدلّ على ذلك كثير من الآيات الشريفة ، مثل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً) [سورة سبأ ، الآية : ٢٨].
وفي تفسير العياشي عن سليمان بن خالد قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قول الناس لعليّ عليهالسلام إن كان له حقّ فما منعه أن يقوم به؟ قال : فقال : إنّ الله لا يكلّف هذا الإنسان وحده إلّا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) فليس هذا إلّا للرسول ، وقال لغيره : (إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ) ، فلم يكن يومئذ فئة يعينونه على أمره».
أقول : يستفاد منه أنّ إقامة الحقّ وتثبيت قوائمه في المجتمع النائي عنه لا يتمّ