ومنها : التعمّق في حكمة الأشياء والبحث عن حكم الأحكام الشرعيّة ، فإنّه مناف للإخلاص ، كما دلّ عليه بعض الروايات ، فعن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «إيّاكم والغلو في الدين» ، أي : البحث عن عللها وغوامض متعبّداتها ، وعن بعض مشايخنا من أهل العرفان ادّعاء التجربة في ذلك.
ومنها : عدم الثقة بالله العظيم ، فإنّ ذلك مناف للإيمان ، فكيف بالإخلاص ، وإنّه من المعاصي الكبيرة على ما فصّل في محلّه.
وهناك أمور أخرى منافية للإخلاص ، ذكرها علماء الأخلاق ومشايخ العرفان في كتبهم ورسائلهم ، ومن شاء فليرجع إليها.
الفرق بين الرضا والإخلاص :
تقدّم أنّ للإخلاص مراتب ، أدناها مرتبة الرضا ، بل هو كتمهيد له ؛ ولذا أنّ الإخلاص يتضمّن الرضا ولا عكس ، هذا كلّه في العبيد. وأمّا رضائه تعالى ، فهو عين محبّته ، وإنّ محبّته عين إخلاصه ، فلا يمكن التفكيك بينهما.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ للرضا مراتب ودرجات ، وأنّ أسماها هو التفويض ، وأنّ أعلى مراتب التفويض الإخلاص ، الّذي هو مختصّ بالأولياء والصالحين.
وانّ الصفات الحسنة المذكورة في الآية المباركة من الصدقة والمعروف ، والإصلاح بين الناس ، إذا كانت صادرة لابتغاء مرضاته تعالى وخالصا لوجهه الكريم ، كان ذلك مظهرا من مظاهر أسمائه ، ويكون أدوم وأنفع للمجتمع ـ كما تقدّم ـ وإلّا فالأمر إضافي.