قوله تعالى : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ).
واجب آخر مضافا إلى عتق الرقبة المؤمنة ، أي : تسليم الديّة إلى أهل المقتول. والديّة ما يعطى عوضا عن دم المجنيّ عليه ، نفسا كان أو عضوا ، وهي مصدر ودي القتيل يديه وديا ودية ، كعدة وزنة من الوعد والوزن.
ومن إطلاق الديّة وعدم تقييدها بشيء يستفاد حكاية كلّ ما يرضى به أهل المقتول ، ولكن السنّة الشريفة حدّدتها بأمور خاصّة ، فهي من الذهب ألف ، دينار ومن الفضة عشرة آلاف درهم ، ومن الإبل مائة ، ومن البقر مائتان ، ومن الشاة ألف ، ومن الحلّة اليمانيّة مائتا حلة ، ويعتبر في الإبل أن تكمل السنة الخامسة وتدخل في السادسة ، وكذا في البقر. وأمّا الشاة ، فلا يعتبر فيها شيء ويكفي المسمّى ، كما فصّل في كتب الفقه.
والمسلّمة ، أي : المدفوعة المؤدّاة إلى أهل المقتول ، وهم أولياؤه وورثته الجامعون للشرائط المقرّرة في الشرع.
قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا).
أي : إلّا أن يتصدّق أولياء القتيل عليه بالديّة ، وإنّما سمى العفو عن الديّة بالصدقة حثّا عليه ، فلا تجب على القاتل الديّة حينئذ ، ولما في الصدقة من الفضل والأجر ، فيكون في العفو كذلك ، فإذا عفى يكون له الفضل على القاتل.
كما يستفاد من الآية المباركة أنّ الديّة ممّا يقبل العفو ، وأمّا الكفّارة فلا تسقط بحال إلّا إذا عجز عنها ، كما ذكر في الفقه.
قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ).
أي : فإن كان المقتول خطأ مؤمنا وأهله من الكفّار المحاربين لكم ، بأن قتله وهو بين قومه ولم يعلم القاتل بكونه مؤمنا ، فلا دية فيه ، تخصيصا لأدلّة الديّة ، كما