واستجماعه لجميع صفات الكمال ، ولإرشاد الناس إلى التفكّر لما في السموات وما في الأرض ممّا فيها من آيات تدلّ على وحدانيّته وعلمه الأتم وحكمته التامّة.
والوكيل : من أسماء الله الحسنى ، والمراد به القيّم على أمور خلقه والمهيمن عليهم ، واستقلاله بشئون الموكل إليه ، وذكره في المقام إرشادا للناس جميعا أو لمن أراد التفرّق من الزوجين بالتوكّل عليه عزوجل وتفويض الأمر إليه ، فإنّ من يتوكّل على الله تعالى فهو حسبه ويكفيه من كلّ ما أهمّه ويغنيه من سعته ، وكفى به وكيلا فإنّه قادر على انجاز كلّ ما أوعده.
قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ).
تأكيد جديد على ملازمة التقوى وبيان لما استفيد من التهديد من سياق الآية الكريمة المتقدّمة ، وتنبيه للناس إلى التأمّل في سنّته عزوجل في الأمم ، وتوجيه أفكارهم إلى عظيم قدرته تعالى ، وتصديره بقوله : (إِنْ يَشَأْ) للدلالة على استغنائه وعدم الحاجة الى أحد من خلقه.
وسياق الآية الشريفة بضميمة ما ذكرناه يدلّ على أنّ المراد من إذهاب الناس وإتيان آخرين ، هو إذهاب هؤلاء الّذين نكصوا عن الطاعة وأعرضوا عن التقوى بعد ما أوصاهم جميعا بملازمتها ، وإتيان أناس آخرين يطيعون الله تعالى ويتّقون ويقومون بما يحبّه ويرتضيه عزوجل ، فإنّه المالك للملك والملكوت والقادر على كلّ شيء ، يتصرّف في ملكه كيفما يشاء بما يشاء ولما يشاء. وإطلاق الآية المباركة يشمل الإذهاب الدفعي والتدريجي ، بأن يستبدل الله غير المتّقين المطيعين بإفناء الأوّلين وإهلاكهم بالمرّة وإيجاد آخرين ، أو تبديلهم بآخرين متّقين على مرّ الزمن ـ كما يأتي في البحث الروائي ـ وهذا أولى من حمل الآية الشريفة على أحد الوجهين ، كما ذهب إليه بعض المفسّرين ؛ لعموم قدرته وسنّته في خلقه ، فقد أذهب أقواما أفنى الأوّلين منهم لمّا كفروا بربّهم واستدرج آخرين حتّى أفناهم ، ثمّ أقام آخرين مكانهم فآمنوا وأطاعوه واتّقوه.