فإنّه صلىاللهعليهوآله ليس له إلّا التبليغ والتحريض ، فمن أطاع فقد أطاع ومن عصى فقد عصى ، ولا يضيق صدره من ذلك فليس له إلّا تكلّف الجهاد بنفسه.
الحادي عشر : يستفاد من قوله تعالى : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) أنّ الله تعالى إنّما كلّف نبيّه الكريم صلىاللهعليهوآله بمباشرة القتال وحده مع الكافرين لما أعطاه من القوّة والشجاعة ما لم يعط أحدا من العالمين ، وسيرته صلىاللهعليهوآله تدلّ على ذلك ، قال علي عليهالسلام : «كنّا إذا اشتدّ البأس اتقينا برسول الله صلىاللهعليهوآله».
كما يستفاد من الآية الشريفة أهميّة التحريض العملي ، أي : فقاتل أنت امتثالا لأمر الله تعالى ، وحرّض بعملك المؤمنين على ذلك وحثّهم على الجهاد وقتال الأعداء.
بحث روائي :
في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) ، أي : يبدلون».
أقول : المراد من التبديل التغيير ، وأنّ ذلك من شعب النفاق.
وفي الدرّ المنثور عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) ، قال : «هم أناس كانوا يقولون عند رسول الله صلىاللهعليهوآله : آمنا بالله ورسوله ، ليأمنوا على دمائهم وأموالهم ، فإذا برزوا من عند رسول الله صلىاللهعليهوآله (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) خالفوهم إلى غير ما قالوا عنك ، فعابهم الله فقال : (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) ، قال : يغيّرون ما قال النبيّ صلىاللهعليهوآله».
أقول : إنّهم كانوا يغيّرون ما يقوله النبيّ صلىاللهعليهوآله ويبدّلون ما عهدوا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ؛ لأجل النفاق الكائن في نفوسهم القابل للإزالة.