وفي الكافي بسنده عن سليمان الجعفري قال : «سمعت أبا الحسن عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) قال : يعني فلانا وفلانا (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً)».
أقول : مراد الإمام عليهالسلام من كان من أهل النفاق في أي عصر كان وفي أي مكان ، وذكر المصداق لا يوجب التخصيص.
وفي الدرّ المنثور في قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) ، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحّاك وعن قتادة أيضا : «إنّ قول الله لا يختلف ، وهو حقّ ليس فيه باطل ، وإنّ قول الناس يختلف».
أقول : لا يمكن الاختلاف في القرآن بجميع أقسامه ؛ لأنّه الميزان لتمييز الحقّ عن الباطل ، وأنّه من الحقّ والى الحقّ وفي الحقّ ، وما هو كذلك لا يتصوّر فيه الاختلاف ، وإنّما ينشأ الاختلاف من ناحية اختلاف العقول وتفاوت الاستعدادات ، وتقدّم كلام عليّ عليهالسلام في وصف القرآن.
وفي الكافي بسنده عن عبد الله بن عجلان قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «إنّ الله عيّر أقواما بالإذاعة في قوله عزوجل : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) ، فإيّاكم والإذاعة».
أقول : المراد من الإذاعة الإشاعة الّتي توجب الخوف والرعب أو الترهيب في النفوس وإفشاء الباطل والفساد ، سواء كانت في حالة الحرب أو في حالة السلم ؛ لأنّ ذلك من شعب النفاق أو من ضعف الإيمان.
وفي الدرّ المنثور عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) قال : «هذا في الإخبار ، إذا غزت سرية من المسلمين خبّر الناس عنها ، فقالوا : أصاب المسلمين من عدوهم كذا وكذا ، وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا ، فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآله هو يخبرهم به».