أقول : هذا من باب ذكر أحد المصاديق ، لا من باب الحصر والتخصيص.
وفي الكافي بسنده عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن الصادق عليهالسلام قال : قال الله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ، وقال عزوجل : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) ، فردّ أمر الناس إلى أولي الأمر منهم ، الّذين أمر بطاعتهم والردّ إليهم».
أقول : إنّها تفسّر الآية بآية اخرى ، فإنّ القرآن يفسّر بعضه بعضا.
وفي الدرّ المنثور عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) : «أولي الفقه في الدين والعقل».
أقول : ينحصر ذلك في من له ارتباط كامل معه سبحانه وتعالى ، وأفاض عليه العصمة.
وفي تفسير العياشي عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) قال : هم الأئمة.
أقول : الرواية من باب التفسير بالمصداق الحقيقيّ للآية الشريفة والحصر فيهم واقعي ؛ لأنّهم يعرفون الحلال والحرام ، وهم حجّة الله على خلقه ، وهم الصفوة. وقد روي هذا التفسير في روايات اخرى ، وتقدّم في الآية الشريفة : (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ما يتعلّق بذلك.
وعن عبد الله بن جندب عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام في كتاب كتبه إليه في أمر الواقفيّة : «إنّ الله يقول في محكم كتابه : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) يعني آل محمد ، وهم الّذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام ، وهم الحجّة لله على خلقه».
أقول : قريب منه ما رواه المفيد في الاختصاص عن إسحاق بن عمار عن الصادق عليهالسلام في حديث مفصّل ، وجميعها تدلّ على ما تقدّم ؛ لأنّهم يعرفون الحقيقة والحقيقة تعرفهم ، وهم الّذين يفهمون الكتاب والكتاب يعنيهم.