تطبيقه ، وهو الأقرب إلى العدل الحقيقي الّذي نفاه عزوجل عنهم ، فيكون عدلا عمليّا. وأمّا الميل القلبي الّذي لا يدخل تحت الاختيار ، فهو لا يتعلّق به التكليف.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ صدر هذه الآية الشريفة ليس في مقام نفي مطلق العدل ، بحيث إذا انضمّ إليه قوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً) [سورة النساء ، الآية : ٣] ، ينتج إلغاء تعدّد الأزواج في الإسلام ، كما قاله بعض المفسّرين ، فإنّ المنفي هو العدل الحقيقي ، لا العدل العملي الّذي هو الأقرب إلى العدل المأمور به ، ويستحيل أن يتحقّق تكليف منه عزوجل ولا يمكن تطبيقه.
والحاصل : أنّ العدل المأمور به هو العدل التقريبي ، وهو العدل العملي ، مضافا الى ذلك أنّه عزوجل أباح التعدّد في قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ـ الآية [سورة النساء ، الآية : ٣] ، وحمله على مجرّد الفرض العقلي بعيد جدا يجلّ كلامه تعالى عنه ، وسيرة الرسول صلىاللهعليهوآله وبعض المؤمنين الورعين خير دليل على إمكان تطبيقه ، وهو يدفع توهّم الفرض العقلي أيضا.
قوله تعالى : (وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
تأكيد وترغيب للرجال في الإصلاح إذا ظهر منهم فساد وظلم ، والضمان في ذلك كلّه هو التقوى الّتي هي الدعامة الأولى في تطبيق الأحكام الإلهيّة ، وأنّها هي الّتي تستتبع المغفرة لكلّ ما صدر من حيف وظلم ، والرحمة بالتفضّل عليهم. وتقدّم مكرّرا أنّ الأمر بالتقوى في هذه الآيات المباركة لدقّة تطبيق هذه الأحكام والتباس معالمها ، فكان التقوى هي الضمان لها.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ).
حكم علاجي بعد أن لم ينفع الإصلاح ولم يتحقّق الوفاق بوجه من الوجوه ، وحينئذ فإن أرادت المرأة وبعلها أن يتفرّقا بالطلاق خوفا من الوقوع في الحرام وحفظا للكرامة وصونا لأخلاقهما لئلّا يقعا في السيء منها ، فإنّ الله تعالى يغني كلا