الأبرار سيئات المقرّبين» ، كما يحتمل أن يكون لتعليم الأمة من باب «إيّاك أعني واسمعي يا جارة».
وممّا ذكرنا يعلم فساد ما ذكره بعض المفسّرين من نسبة الذنب أو همّه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، الّذي عصمه الله تعالى من الزلل والخطأ والذنوب كلّها ، وقد نفى الله تعالى عنه كلّ ضرر وآمنه عن كلّ ميل إلى الباطل واتّباع الهوى.
وظهر ممّا تقدّم معنى الحديث الشريف : «انّه ليغان على قلبي حتّى استغفر الله في اليوم سبعين مرّة» ، فإنّ قلبه الشريف أبدا مشغول بالله تعالى ، ولكن قد يعرض على قلبه المبارك عارض بشري من أمور الأمة والملّة ومصالحهما ، وعدّ ذلك في نفسه الأقدس تقصيرا ، فيفزع إلى الاستغفار.
أو يتذكر رقيّ نفسه الشريفة من عظيم إلى أعظم فيتوجّه إليه بالاستغفار ، وبه يحصل الرقي. ومنه يظهر شأن الاستغفار من بين الأذكار.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
أي : أنّ الله تعالى يحبّ المغفرة والرحمة ، فمن استغفره واسترحمه يجد الله غفورا رحيما دائما في تمام الأحوال وجميع العوالم.
قوله تعالى : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ).
المجادلة المخاصمة ، قيل : من الجدل ، وهو الفتل ، ومنه رجل مجدول الخلق ، أي : محكم الفتل ، ويقال للصقر : الأجدل ، وفي حديث عليّ عليهالسلام حين وقف على طلحة وهو قتيل : «عزيز عليّ أبا محمد أن أراك مجدّلا تحت نجوم السماء» ، أي : مرميا قتيلا ملقى على الأرض.
وقيل : إنّه مأخوذ من الجدالة ، وهي وجه الأرض ، ومنه الحديث الشريف : «أنا خاتم النبيّين في أم الكتاب ، وإنّ آدم لمنجدل في طينته» ، أي : ملقى على الجدالة وهي الأرض ، فكأن كلّ واحد من الخصمين يريد أن يلقي صاحبه عليها ، ومنه : تركته مجدلا ، أي : مطروحا على الجدالة ، كما مرّ في الحديث السابق أيضا.