قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً).
المراد من الفوز العظيم هو حطام الدنيا على طريق التهكم وتعظيم هذا الأمر منهم ، وجعل المصيبة الّتي أصابت المؤمنين نعمة يدلّ على ضعف إيمانهم.
قوله تعالى : (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ).
بعد ما بيّن خطأ سلوك المبطئين الّذين يريدون من عملية الإبطاء التخلّف عن القتال ، وذمّهم وشنّع عليهم بأبلغ أسلوب ، وأرشد المؤمنين إلى أنّ العقدة الحقيقة في تخلّفهم عن الطريق الصحيح هو الحرص على متاع الحياة الدنيا.
يبيّن عزوجل في هذه الآية المباركة الحقيقة المطلوبة ، وهي أنّ المؤمنين يبيعون متاع الحياة الدنيا ليشتروا به النعيم الأبدي الحقيقي ، وفي الآية الكريمة الحثّ على الجهاد في سبيل الله تعالى ، بتذكيرهم أنّ المؤمنين قد شروا بالإيمان الحياة الدنيا بالآخرة ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [سورة التوبة ، الآية : ١١١].
وفي الآية الشريفة توجيه تربويّ متين ، فإنّ الله تعالى لما خاطب الجميع بما فيهم الضعفاء والأقوياء ، ثمّ وصف أفعال الضعفاء وتمنّياتهم وحكى أقوالهم ، دون أن يشير إلى أعيانهم ؛ لما في ذلك من أثر نفسي كبير ـ كما عرفت ـ ثمّ أهملهم في هذه الآيات ليرجعوا إلى أنفسهم فيشعروا بالإثم ويطهّروا نفوسهم من الذنب العظيم ، ذنب التبطّي عن القتال والقعود عنه ، ثمّ وجّه الخطاب إلى المؤمنين ووصفهم بصفات المسلم الحقيقي والمؤمن بالله العظيم إيمانا حقيقيّا ، وهي القتال في سبيل الله وبيع الحياة الدنيا بالآخرة. وهذا التحوّل في الخطاب من أهمّ السبل التربويّة ؛ لتحوّل المذنب عن موقفه إلى الموقف المطلوب.
قوله تعالى : (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ).
حثّ على الجهاد في سبيل الله تعالى ، وبيان للغرض من القتال في الإسلام ،