______________________________________________________
لأن الظاهر من السؤال ـ بقرينة قوله (ع) في الجواب : « نعم لم يكلفه .. » ـ هو السؤال عن جواز الاجتزاء بذلك ، فلا يصح الاستدلال به على الوجوب ، لا جمعاً مع الإيماء ، ولا تخييراً بينهما ، ولا تعييناً ، ولا ترتيباً ، كما لا يخفى.
وأما القول الذي قبله ففيه : أن ظهور كل من الدليلين في البدلية على الاستقلال ـ لو سلم ـ فهو ضعيف جداً ، لا يقوى على مدافعة ظهور كل من الطائفتين في الوجوب التعييني ، بل الثاني أقوى فيقدم عليه ، ولازمه وجوب الجمع. وأما الصحيح والمصحح فلا يصلحان للشهادة على التخيير ، لأن السجود على الأرض ووضع الجبهة عليها إنما يكونان بالإيماء ، فكيف يصح أن يدعى دلالته على الاكتفاء بمجرد الوضع؟!. نعم لو كانت العبارة هكذا : « وأن يضع على جبهته شيئاً أحب إلي أو أفضل من الإيماء » كان للتوهم المذكور مجال ، لكنه ممنوع جداً في المصحح ، لظهوره في أن الوضع مع الإيماء أحب إليه من الإيماء وحده ، لا أن الوضع المجرد أحب إليه من الإيماء المجرد. نعم لا يبعد ذلك في الصحيح ، وإن كان لا يخلو من تأمل ، ولو تمَّ فإنما هو في العبارة الفرضية لا الفعلية ، إذ قد عرفت أن الظاهر من قوله : « يسجد على الأرض » أنه يومئ الى أن تصل جبهته إلى الأرض.
وأما القول الأول فقد عرفت أن المرسل لا يصلح حجة له لعدم ظهوره في وجوب الوضع. وأما الموثق فهو ـ وإن دل على وجوبه ـ معارض بصحيح زرارة ومصحح الحلبي لظهورهما في استحباب الوضع زائداً على الإيماء ، كما عرفت ، وحملهما على مثل قوله تعالى : ( قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ .. ) وقولهم : « السيف أمضى من العصا » لا داعي اليه. ومخالفتهما للإجماع المحكي عن المنتهى وظاهر غيره ممنوعة ، لاختصاص الإجماع بصورة الانحناء الكثير الذي لا يبلغ المقدار الواجب ، ولا يشمل صورة الإيماء بالرأس على نحو يلاقي المروحة ونحوها. والخبران إن لم يكونا ظاهرين فيه ،