يعدّ ذلك الشخص عالما بذلك الكتاب؟
ومنه يعلم أنّ ما أورده صاحب الوسائل من ذلك وأشباهه في باب عدم جواز استنباط الاحكام النظريّة من ظواهر القرآن إلا بعد معرفة تفسيرها من الائمّة عليهمالسلام ليس في محلّه. ويعلم أنّ ما نقلناه سابقا عنه في الحاشية من كثرة الاخبار فالظاهر كون كثير منها من هذا القبيل ، بل لا دخل لجملة منها بالمدّعى ، وعلى ما قرّرنا يتحسّم أصل إشكال التعارض بين الاخبار.
هذا ، ولا يخفى عليك أنّ بين المرتبتين ، مرتبة أهل اللفظ ومرتبة الائمة عليهمالسلام العالمين بجميع المراتب في الجميع ، مراتب كثيرة يرشدك إليه ما قدّمناه في الخطبة من كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام وجملة من الاخبار المتقدّمة ، إذا تدبّرتها حقّ التدبّر فيشاهد المنتزفون بحرا لا ينزف ، والماتحون عيونا لا تنضب ، والواردون مناهل لا تغاص ، والمسافرون منازل لا يضلّ نهجها ، والسائرون أعلاما لا يعمى عنها ، والقاصدون آكاما لا يجاز عنها ، والعلماء فيه ريّ عطشهم ، والفقهاء ربيع قلوبهم ، والصلحاء محاجّ طرقهم.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام في احتجاجه على زنديق سأله عن آيات متشابهة من القرآن فأجابه ، إلى أن قال :
«ثمّ إنّ الله قسّم كلامه ثلاثة أقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما لا يعرفه إلا من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممّن شرح الله صدره للاسلام ، وقسما لا يعلمه (١) إلا الله وملائكته (٢) والراسخون في العلم. وإنّما فعل ذلك لئلا يدّعي أهل الباطل المستولين على ميراث رسول
__________________
(١) الاحتجاج : «يعرفه».
(٢) في بعض نسخ الاحتجاج : «امناؤه».