المراثي على سيّد شباب أهل الجنّة وغيرهما.
وتلك الآثار الدنيويّة المترتّبة على آحاد أحكام الدين في طرفي الموافقة والمخالفة من أعظم البراهين على صحّة الدين بعد الاطلاع على مجاريها ، وتدقيق النظر فيها ؛ إذ ينكشف للعاقل عند ذلك أنّه لو لم يكن أمرا حقّا ثابتا في الواقع ، لم يكن ليترتّب عليها شيء من ذلك ؛ مضافا إلى شهادة الآثار الباطنيّة الظاهرة لأهل البصيرة الباطنيّة عليها ، وإلى ما مرّ من انقلاب حال المسلمين بحسب دنياهم انقلابا فاحشا ؛ لكن تلك البيّنات لا تؤثّر في قلوب المنافقين وباطنهم ، وإنّما تؤثّر في مشيهم على طبقها ، وثباتهم على الالتزام الظاهريّ بما ترتّب عليه تلك الاثار المطلوبة من أصل الاسلام ، أو قبول كلمة الولاية ، أو سائر أحكام الحقّ والدين ، فلم توجب تحقّق الايمان لهم كما أوجب في حقّ المؤمنين ، بل أوجب سلوكهم على حسبها ظاهرا.
ولمّا كانوا ناظرين إلى تلك الآيات بأنفسها طالبين لتلك الآثار من حيث ذواتها ، لكونها من مصالح دنياهم لا من جهة كونها دلائل على أنّه الحقّ وو الصدق ؛ لأنّهم غير طالبين له كما مرّ مثل ذلك في وصفهم ، لزمه انقلاب حالهم إذا لم يظهر لهم تلك الآثار ، أو ظهر لهم ما يضادّ مقاصدهم الدنيويّة ، وتثاقلهم عن قبول أحكام الدين والثبات عليه لفتور دواعيهم ، وانتفاض أغراضهم ، وعروض الشبهة لهم في كون الاسلام بأحكامه موجبا لترتّب المنافع الدنيويّة ، ودفع المضارّ العاجلة الذين هما الغايتان لفعلهم.
ثمّ المناسب لحال المنافقين في الاصل أن يحملوا ما شاهدوا ترتّبها على الاسلام وأحكامه على أنّه من قبيل البخت واليمن والبركة ، الّتي يعتقدون أمثالها في كثير من الافعال والاشخاص وغيرها ، كما يشاهد في اعتقاد الناس نحو ذلك في الاعصار والامصار ، فلا يجعلونها حجّة وبرهانا لكونه الحقّ النازل من عند الله