ومتميزا ليس شيئا.
وحينئذ فنقول : إن المحالات الذاتية الاولية ليست أشياء حتى يخصص به عموم الشيء في هذه الآية ونظائرها ممّا دلّ على عموم القدرة من ألفاظ الكتاب والسنة النبوية والاماميّة ؛ كما تقدم في كلام بعض أهل البصيرة بأقوال العلماء من أن المحال ليس شيئا اتفاقا ، وما ذكره جوابا من أن النزاع ليس في الامر اللّفظي ، بل في الشيئية بمعنى الثبوت والتقرر قد عرفت أن المدلول اللّغوي هو ذلك المعنى ، الذي وقع النزاع فيه بعد إرادة ما تقدم من الثبوت والتقرر. فيكون محل النزاع أن ذلك المعنى الظاهر للفظ الشيء هل هو متحقق في المعدومات حال عدمها أم لا؟ فيكون نزاعا في أمر معنوي لا في أن لفظ الشيء دال على أي معنى.
فان قلت : إنّ المحال الذاتي وإن لم يكن له وجود خارجيّ لكنّه موجود في الذهن قطعا ، ولولاه لم يكن متصورا ، ولا صحّ الحكم عليه بكونه محالا ، ولا كان للمباحث المتعلّقة بالمحالات المذكورة في كتب الحكمة وغيرها معنى أصلا ، فيكون شيئا ، فلا بد من تخصيص عموم القدرة بغيره.
قلت : نمنع كون المحال الذاتي موجودا في الاذهان بالوجود الذهني ، وإنّما الموجود فيه حقيقة هو الممكنات فقط ، كيف وقد ذكرنا أنّ الذهن إنّما يتلقّى المفاهيم من طرف الواقع ، وهو في ذلك تابع له ، فما ليس متميزا فيه لم يتميز في الذهن ، ولم يتعلّق به الادراك ، سواء قلنا بكون الصورة الذهنيّة تابعة للموجود الخارجي ومتفرعة عليه ، أو بكونها تابعة لعالم المثال المقدم على الوجود المادي الواقع في سلسلة النزول ، فيكون الذهن متلقيّة للصورة منه ، أو كونها تابعة للمثال البرزخي المتأخر مرتبة عن هذا العالم الواقع في السلسلة الصعودية ، أو كونها تابعة لسبب الادراك تبعية المعدّ له للمعد ، ويكون النفس منشئا للصورة في عالم ملكوتها الصغرى ، أو كونها تابعة للتعين والتميز الثابت للشيء في حدّ