الوجه الاخر منه. فقد يقال : فلان مهزول الفصيل ولا فصيل له ، مريدا بذلك أنّه جواد. فقد استعمل اللّفظ صورة في معناه ، واوقعت النسبة الصوريّة مع عدم تحققها في الواقع ، وقصد به أمر آخر ، وقد اختلف في كونه حقيقة أو مجازا ، والاوّل أقرب كما في محلّه. وقد يقال ذلك لبيان هزال فصيله ، وإفادته منضمّا إلى بيان الجواد مع إصالة كلّ منهما أو أحدهما فقط ، مع أنّ هزال الفصيل بنفسه لا يدلّ على الجود بوجه من الدلالات الثلاث ؛ إذ لا ملازمة بينهما واقعا وإن أطلق عليه اسم اللازم بملاحظة غلبة محقّقه أو مفروضه على وجه الادّعاء ، إلا أنّه يفيده بشيوع ذكره في مقام بيانه أو بملاحظة سائر القرائن والخصوصيّات من حال أو مقال أو مساق أو غيرها. وقريب من الكناية التمثيل ، لكنّه في المركّب والكناية في المفرد ، وفي كلّ منهما يتحصّل من الكلام معنيان مستقلّتان ، وكلاهما شايعان في استعمالات الألبّاء ، بل لا يبعد أن يكون كثير من القصص والحكايات العاميّة بما وضعها الحكماء والعقلاء لافادة معان مغايرة لها ، لينتقل منها إليها من كان ذا لبّ وبصيرة ، كما يؤمي إليه مطابقة جملة منها لمواعظ شافية أو مطالب عالية ، وفيهما ينتقل المستنبط من مطلب إلى آخر مناسب له مناسبة واقعة بين المعنيين ولا يشترط كونه ملازمة ، فلا مانع من أن يكون لآيات القرآن العزيز [معان](١) لا يخلو من مداليل كنائيّة ومثاليّة ؛ (وَلَقَدْ صَرَّفْنا [لِلنَّاسِ] فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ.)(٢) وقد سبق في الاخبار : «أنّ القرآن أمثال لقوم يعلمون» ، وتدبّر. وما ذكر أحد الوجوه في المقام.
ومنها :
أنّه ربّما يتكلّم بكلام لمعنى بحيث يصلح لارادة غيره تنبيها على صحّة إرادته
__________________
(١) أضفناه بقرينة المقام.
(٢) الاسراء / ٨٩.