أيضا ، ومطابقته للواقع من دون أن يكون مستعملا فيه أصلا ، كما أنّه قد ينشأ الشاعر شعرا بقافية خاصّة على وجه يمكن تغييره ، وقرائته على وجه آخر موزون. وربّما يجري بعض الكلام على الوجه المناسب للمعنى الآخر ، فيصير قرينة على صحّة إرادته أيضا ، فانّ الكلام الصادر من الحكيم القادر العالم بتمام الوجوه ينبغي مطابقته للمعنى بجميع الخصوصيّات ، كما ينبغي كونه على أحسن الوجوه اللّفظية. وحينئذ فاذا لم يتمّ الكلام على الوجه المناسب للمعنى المقصود ، فينبغي حمل ذلك التغيير الواقع في الاسلوب علي نكتة ، ومن أعظمها ما ذكر. ولعلّ ذلك هو المراد خاصّة ، أو بعض أفراد المراد من قوله عليهالسلام في الخبر السابق : «إنّ الآية ليكون أوّلها في شيء ، وآخرها في شيء ، وهو كلام متّصل يتصرّف على وجوه» (١) وغيره ممّا تقدّم في المقدّمات السّابقة. ولا يختصّ القرينة بالتغيير في الاسلوب ، بل قد يكون الجهتان مجتمعتين ابتداء أحدهما حاليّا أو مساقيا ، والآخر لفظيّا ، إلى غير ذلك. ولعلّ هذا وأشباهه من الاشارة الّتي للخواصّ في الرواية السابقة.
ومنها :
أنّه قد يذكر المتكلّم في كلامه شيئا يشير إلى جريان الحكم المذكور في مورد آخر ، أو عنوان كلّيّ بأن يعلّق الحكم على وصف في مقام تعليقه على الذات أو تذييله بما يقتضي ذلك إشارة أو إيراد في مقام يناسب بيانه.
ومنها :
أنّه ربّما يذكر كلام أحد على وجه الحكاية ، ويسكت عنه في مقام لو كان كذبا اقتضى ردّه ، فيستفاد من الكلام صحّته ، مع أنّ اللّفظ لم يستعمل في ذلك.
__________________
(١) راجع الرواية الاولى من هذه المقدمة.