فالقسمة بانواعها تحدث اثنينية اى تجعل الجزء الواحد جزءين اثنين يساوى طباع كل واحد من هذين الجزءين طباع ذلك الجزء الواحد الّذي هو مجموع هذين الجزءين فكما كان الانقسام جائزا بين ذلك الجزء الواحد وبين صاحبه الّذي كان معه قبل الانقسام جسما اكبر كان جائزا فى نفس ذلك الجزء الواحد لان الطبيعة فى جميع الاجزاء واحدة فلا معنى لانقسام ما هو ضعف الجزء وعدم انقسام الجزء فالانقسام الوهمى ملزوم للانقسام الانفكاكى وكون الملزوم من دون اللازم محال.
قوله : وامتناع الانفكاك لعارض الخ ـ دفع لدخل هو ان قائلا لو قال : ان ذى مقراطيس قائل بامتناع انقسام الجزء انقساما انفكاكيا لتحقق مانع فيه عنه وذلك المانع غير متحقق فيما هو اكبر من الجزء فاجاب عنه بان امتناع الانقسام الانفكاكى لمانع عارض كما فى الجزء من الصغر والصلابة وكما فى الفلك من الصورة المخالفة لهذه الصور على ما عليه الفلاسفة لا يقتضي الامتناع الذاتى الّذي هو ظاهر كلامه.
ان قلت : ان ظاهر كلامه على ما نقل عنه الشيخ فى طبيعيات الشفاء ان الجزء لا يتجزى لصغره وصلابته لا لذاته ، قلت : ان القوم فهموا من كلامه ان الصغر والصلابة لازمان لا ينفكان عن الجزء ، فيرد عليه ان لازم الطبيعة لا يعقل تخلفه عن بعض افراده فلو كان الجزء جسما كما يقول به وكان لازمه الصغر والصلابة لم يعقل زوالهما عن غيره من الاجسام فالصغر والصلابة لو كانا للجزء لكانا عارضين يمكن زوالهما.
ثم ان المصنف والشارحين لم يتعرضوا لابطال مذهب الشهرستانى صريحا لانه بطل بابطال الجزء اذ مذهبه ان الجسم البسيط مع انه متصل واحد يتجزى حتى يصل الى جزء غير منقسم اصلا لا وهما ولا غيره فاذا ثبت بطلان الجزء هكذا ثبت بطلان مذهبه ، ولكن يمكن حمل كلام المصنف فى ابطال مذهب ذى مقراطيس على ابطال مذهبه أيضا لانه يقول ان الجزء جسم فمذهبه باطل من وجهين.
قوله : طباع ـ هذه اللفظة بكسر الاول قد يستعمل جمعا للطبع وقد يستعمل بمعنى الطبيعة وهنا على الثانى استعملت ، وفرق بعضهم بين الطباع والطبيعة بانه اعم