كمال علمه واحاطته بمبادى الخطايا والذنوب وتبعاتها وعواقبها وعدم غفلته عن حضور الرب تعالى وحبه لمحاسن الاعمال وما فيه رضا الله تعالى فيمتنع عن الارتكاب كما ان الرجل العاقل يمتنع من اللعب مع الصبيان فى الشارعة لعقله وعلمه بمضاره وعدم الانتفاع به مع انه قادر على ذلك وربما يشتهيه بطبعه.
وظاهر الآية المباركة المستدل بها على عصمة اهل البيت عليهمالسلام يوافق هذا لان التعبير باذهاب الرجس والتطهير متعلقا بهما الإرادة الماتى بها بهيئة المضارع يحسن اذا كان مقتضى ذلك موجودا والا فالتعبير بقوله : جعلكم طاهرين ، والامر كذلك فانهم عليهمالسلام بعد النزول فى هذه النشأة والتزمل بالجسمية والمعية بالطبيعة حصلت لهم مقتضى ذلك بذلك ، ولكن نفسيتهم العالية قهرت جميع ما فى هذا العالم من آثار الطبائع.
ثم ان الظاهر من كلمات القوم لا سيما الحكماء ان النبي ليس له روح فوق الروح الانسانى به النبوة والعصمة ، بل فيه ذلك فى مراتب كماله ، ولكن كثيرا من الاخبار يدل على ذلك ، منها ما فى البحار الباب السادس عشر من تاريخ نبينا صلىاللهعليهوآله عن بصائر الدرجات عن الحسين بن محمد عن المعلى عن عبد الله بن ادريس عن محمد بن سنان عن المفضل عن ابى عبد الله عليهالسلام ، قال : يا مفضل ان الله تبارك وتعالى جعل للنبى صلىاللهعليهوآله خمسة ارواح : روح الحياة فبه دبّ ودرج ، وروح القوة فبه نهض وجاهد ، وروح الشهوة فبه اكل وشرب واتى النساء من الحلال ، وروح الايمان فبه امر وعدل ، وروح القدس فبه حمل النبوة ، فاذا قبض النبي صلىاللهعليهوآله انتقل روح القدس فصار فى الامام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يسهو ، والاربعة الارواح تنام وتلهو وتغفل وتسهو ، وروح القدس ثابت يرى به ما فى شرق الارض وغربها وبرها وبحرها ، قلت : جعلت فداك يتناول الامام ما ببغداد بيده؟ قال : نعم ، وما دون العرش.
اقول : الحديث مروى فى الاختصاص عن سعد عن اسماعيل بن محمد البصرى ، عن عبد الله بن ادريس الخ ، وعلى هذا فعصمة النبي بذلك الروح.