المسألة السادسة : هل يعتبر في حلّ أخذ شيء من الخراج أو المقاسمة أو الزكاة من الجائر مجّاناً كون الآخذ من أهل استحقاق ما يأخذه من المال ، بأن يكون ممّن له مدخليّة في مصالح المسلمين الّتي يصرف فيها بيت المال الّذي منه الخراج والمقاسمة ، أو يكون في الزكاة من أصناف مستحقّيها ككونه فقيراً أو مسكيناً أو غارماً ونحوه أو لا يعتبر ذلك؟ خلاف. وإنّما قيّدنا عنوان المسألة بالأخذ المجّاني احترازاً عن الاشتراء وغيره ممّا يدخل في المعاوضة حتّى تقبيل الأرض الخراجيّة في مقابلة إقطاعها ، إذ لا يعتبر في المشتري وغيره ممّن يدفع العوض وجود صفة الاستحقاق قولاً واحداً ، ووجهه واضح من حيث وقوع العوض المدفوع إلى الجائر للمستحقّين فلم يكن أخذه المال أخذ الحقّ الغير من غير استحقاق.
وعبارات المتعرّضين للمسألة في محلّ الخلاف مختلفة ، فمنهم من يظهر منه المصير إلى الاشتراط كثاني الشهيدين في المسالك قائلاً ـ في بيان شروط جواز أخذ الزكاة من الجائر ـ : «وأن يكون صرفه لها على وجهها المعتبر عندهم بحيث لا يعدّ عندهم غاصباً ، إذ يمتنع الأخذ منه عندهم أيضاً. ويحتمل الجواز مطلقاً نظراً إلى إطلاق النصّ والفتوى ، ويجيء مثله في المقاسمة والخراج لأنّ مصرفهما بيت المال وله أرباب مخصوصون عندهم أيضاً» (١) انتهى.
ومن مشايخنا من جزم بعدم الاشتراط قائلاً في ردّ الكركي في توقّفه : «لا مجال للتوقّف بعد ما عرفت من إطلاق النصّ والفتوى بالإذن الموافق لسهولة الملّة ورفع الحرج عن الشيعة الّذين لهم المهنأ وعليه الوزر» (٢) انتهى.
ويظهر من الكركي في عبارته المحكيّة عن الرسالة الميل إلى التوقّف حيث قال : «هل يكون الأخذ حلالاً مطلقاً حتّى لمن لم يكن مستحقّاً للزكاة ولا ذا نصيب في بيت المال حين وجود الإمام ، أو إنّما يكون حلالاً بشرط الاستحقاق حتّى أنّ غير المستحقّ يجب عليه صرف ذلك إلى مستحقّه؟ إطلاق الأخبار وكلام الأصحاب يقتضي الأوّل ، وتعليلهم بأنّ للآخذ نصيباً في بيت المال وأنّ هذا حقّ الله مشعر بالثاني وللتوقّف فيه
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٤٣.
(٢) الجواهر ٢٢ : ١٩٣.