يثبت الحكم في الخراج والمقاسمة أيضاً بعدم القول بالفصل» (١).
أقول : يمكن إثبات الحكم في الرواية الاولى بقوله عليهالسلام : «شيئاً» بضابطة أنّ الاعتبار بعموم اللفظ لا خصوص المورد ، وفي الرواية الثانية بالتعليل بقوله : «إنّ هؤلاء وإنّما الصدقة» فيكون من منصوص العلّة المفيد للعموم.
المسألة الثالثة : هل يشترط جواز الأخذ والقبول من الجائر في أزمنة الغيبة بإذن الحاكم الشرعي حيث أمكن استئذانه لعموم ولايته على المستحقّين وعلى نحو هذه الأموال والأراضي ، لأنّه نائب عن الإمام الوليّ العامّ؟ وجهان بل قولان ، أوّلهما خيرة ثاني الشهيدين في عبارته المتقدّمة عن المسالك (٢) ومن مشايخنا من جزم بالثاني تعليلاً «بأنّ المستفاد من الأخبار الإذن العامّ من الأئمّة عليهمالسلام بحيث لا يحتاج بعد ذلك إلى الإذن الخاصّ في الموارد الخاصّة منهم عليهمالسلام ولا من نوّابهم» (٣).
أقول : هذا هو الأجود ، لأنّ ما صدر من الأئمّة من الإذن في الأخذ والقبول إنّما صدر على وجه الإفتاء والإذن العامّ فلا يختصّ بزمانهم ، والمفروض أنّهم عليهمالسلام لم يعتبروا استئذانهم في الموارد الخاصّة في أزمنة حضورهم فكيف يعتبر حينئذٍ استئذان نوّابهم في أزمنة الغيبة ، فإنّ الفرع لا يزيد على الأصل.
وتوهّم : أنّ عدم اعتبارهم عليهمالسلام استئذانهم في أزمنة حضورهم لعلّه لأنّ الغالب عليهم وعلى الشيعة في تلك الأزمنة إنّما هو التقيّة الناشئة عن استيلاء السلاطين الاموييّن والعبّاسييّن ، ولذا لم يعتبروا الرجوع إليهم واستئذانهم لمنافاته التقيّة الواجبة عليهم وعلى أصحابهم.
يدفعه : أنّ التقيّة إنّما تمنع الرجوع إليهم في العلانية لا في السرّ ، وقد كان أصحابهم يرجعون إليهم سواء فيما هو أعظم من ذلك مع إمكان بيان الحكم ولو لبعض الخواصّ ، مع أنّ الأحكام المبتنية على التقيّة مخصوصة بمواردها ولا تعمّ موارد انتفائها وهو نادرة.
نعم لو قيل بأنّ الإذن الصادر منهم عليهمالسلام في الأخذ والقبول من الجائر في موارد النصوص المتقدّمة كانت على وجه الإمامة اتّجه القول بالرجوع إليهم أو إلى نوّابهم في
__________________
(١) المستند ١٤ : ٢٠٥.
(٢) المسالك ٣ : ٥٥.
(٣) المكاسب ١ : ٢٢٣.