وأمّا التقييد بحال الحرب أو قيامه في كلامه الآخرين ، فإن أرادوا بحال الحرب أو قيامه ما يرجع إلى ما استظهرناه من الخبرين فمرحباً بالوفاق ، وإن أرادوا به خصوص حال التشاغل به أعني وقوع المعركة أو ما يقرب منه كتلاقي الفئتين وتقابلهما للمعركة فهو خروج من إطلاق نصوص المسألة بلا شاهد عليه ، لما عرفت من أنّها بعد إرجاع مطلقاتها إلى مقيّداتها تفيد المنع والتحريم في أزيد من ذلك.
وأمّا من اعتبر القصد إلى الإعانة في محلّ التحريم فإن اعتبره مع قيام الحرب بالمعنى المذكور كما عرفت القول به فهو أيضاً تقييد بلا دليل فينفيه الإطلاق ، وإن أراد به الاكتفاء به في محلّ التحريم ولو مع عدم قيام الحرب ففيه : أنّ قصد الإعانة من دون ترتّب المعان عليه ممّا لا تأثير له في الحكم ، ومع ذلك فهو طرح لما دلّ على الاختصاص بصورة قيام الحرب والمباينة من الخبرين.
فروع :
الأوّل : لا فرق في محلّ التحريم بين كون أعداء الدين من فرق الكفر كالمشركين وغيرهم ، أو من المسلمين كالخوارج الّذين يخرجون على إمام العصر ويستحلّون قتاله ـ كخوارج صفّين والنهروان وأصحاب الجمل الموسومين بالقاسطين والمارقين والناكثين ـ كما نصّ عليه في المسالك (١). والدليل على ذلك أوّلاً : عموم أهل الحرب في وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام بناءً على كون المراد من الحرب معناه اللغوي المقيّد بصورة المبائنة لا خصوص من لا يلتزم بشرائط الذمّة من الكفّار. وثانياً : روايتا السرّاجين لاختصاص موردهما بأهل الشام وهم في زمان الصدور كانوا يعدّون من المسلمين.
الثاني : هل يلحق بأعداء الدين قطّاع الطريق؟ كما صرّح به في المسالك ٢ أيضاً وجهان : من الاقتصار على مورد النصّ حذراً عن القياس ، ومن عموم تحريم الإعانة على الإثم. وهذا أوجه ، ولكن وجب تقييده حينئذٍ بقصد الإعانة وتعقّبه بحصول المعان عليه وهو إثم قطع الطريق ، لما ذكرناه مراراً من عدم صدق عنوان الإعانة على الإثم إلّا بتحقّق الشرطين ، أمّا الأوّل فلأنّ المصداق المشترك بين عنوانين لا يتعيّن لأحدهما إلّا
__________________
(١ و ٢) المسالك ٣ : ١٢٣.