ولا ريب أنّ الخروج إلى الكفّار ودعاءهم إلى الإسلام يدخل في عموم «الامور» بل هو من أعظمها ، هذا مع ما اشتهر من حضور أبي محمّد الحسن المجتبى عليهالسلام في بعض الغزوات (١) ودخول بعض خواصّ أمير المؤمنين عليهالسلام من الصحابة كعمّار في أمرهم (٢) مع إمكان استفادة العلم من جهة شاهد الحال برضا أمير المؤمنين عليهالسلام بل سائر الأئمّة عليهمالسلام بالفتوحات الإسلاميّة الموجبة لتأيّد هذا الدين ، مع ما ورد من «أنّ الله تعالى يؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم منه» (٣).
وقد يقال : إنّ ظاهر صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «سألته عن سيرة الإمام عليهالسلام في الأرض الّتي فتحت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فقال : إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قد سار في أهل العراق بسيرة فهي إمام لسائر الأرضين ...» (٤) الخ إنّ سائر الأرضين المفتوحة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حكمها حكم أرض العراق.
ثمّ إنّك قد سمعت سابقاً عند الإشارة إلى أقسام الأرضين حسبما ذكره مفتاح الكرامة أنّهم مثّلوا للأراضي المفتوحة عنوة بسواد العراق وبلاد خراسان والشام ومكّة المشرّفة ، وقد سمعت أيضاً ما يتعلّق بمكّة وما يتعلّق بسواد العراق من النصوص ، ولم نقف في الشام وبلاد خراسان على نصّ يدلّ على الفتح عنوة فيهما ولا على تحديد لهما ، بل في مفتاح الكرامة أنّه لم يذكر تحديد للشام ، نعم قال قبيل ذلك : «وأمّا خراسان فمن أقصاها إلى كرمان وخوزستان وهمدان وقزوين» (٥) انتهى. وإن كان ذلك لا يخلو عن مناقشة لقضائه بأن يدخل في خراسان من البلاد ما ليس بداخل فيها قطعاً كأرض قم وساوة والري لدخولها في التحديد ، ويمكن التوجيه بأنّه تحديد لبلاد خراسان لا من حيث الاسم بل من حيث صفة المفتوحيّة عنوة ، فيعمّ ما ذكر إذا لم يعلم بطلان الفتح عنوة في البلاد المذكورة بل نقل ذلك في خصوص الري أيضاً بل في
__________________
(١) تاريخ الطبري ٣ : ٣٢٣ ، الكامل في التاريخ ٣ : ١٠٩.
(٢) اسد الغابة ٤ : ٤٦.
(٣) الوسائل ١٥ : ٤٠ / ١ ، ب ٩ أبواب جهاد العدوّ ، التهذيب ٦ : ١٢٧ / ٢٢٤.
(٤) الوسائل ١٥ : ١٥٣ / ٢ ، ب ٦٩ أبواب جهاد العدوّ ، التهذيب ٤ : ١١٨ / ٣٤٠.
(٥) مفتاح الكرامة ١٣ : ٧٤.