المختلف فيها على أمر واحد مشترك بين الجميع.
ومن أغرب ما سبق إلى بعض الأوهام في هذا المقام جعل محلّ النزاع المعاطاة المقصود بها مجرّد الإباحة الخالية عن قصد الملك رأساً ، كما نسبه شيخنا المعظّم إلى بعض معاصريه ، وقال : «إنّه رجّح بقاء الإباحة في كلامهم على ظاهرها المقابل للملك ونزّل مورد حكم قدماء الأصحاب بالإباحة على هذا الوجه» وطعن على من جعل محلّ النزاع في المعاطاة بقصد التمليك قائلاً : «بأنّ القول بالإباحة الخالية عن الملك مع قصد الملك ممّا لا ينسب إلى أصاغر الطلبة فضلاً عن أعاظم الأصحاب وكبرائهم» (١) انتهى.
وفيه : أنّ ما لا يقصد فيه الملك أصلاً ولو إجمالاً ـ مع كونه خلاف ما هو بأيدي الناس في جميع الأعصار والأمصار من المعاطاة في أغلب معاملاتهم خصوصاً المحقّرات ـ كيف يتحمّل القول بالبيعيّة مع الصحّة واللزوم والقول بالبيعيّة المفيدة لملك متزلزل والقول بالبيعيّة الفاسدة والقول بالمعاوضة المستقلّة المفيدة لملك الأعيان والمنافع ، بخلاف المعاطاة المقصود بها الملك فإنّها تتحمّل جميع هذه الأقوال ، ولا ينافيها القول بإفادتها الإباحة المحضة فإنّ قصد التمليك يتضمّن الإذن في عموم التصرّفات الّتي يقال لها الإباحة المالكيّة ، غايتها أنّها حيث حصل الملك ملغاة في نظر الشارع لأنّ العين بعد ما خرج عن ملك صاحبها ودخل في ملك آخر لا عبرة في جواز التصرّفات له بإذن المالك الأوّل ، إلّا أنّه من الجائز في محلّ النزاع كون قصد التمليك ممّا لم يمضه الشارع مع إمضائه لما يتضمّنه من الإذن في التصرّفات ، وهذا هو معنى انعقاد المعاطاة إباحة وعدم انعقادها بيعاً.
ودعوى : أنّ مقصود المتعاطيين إذا كان هو الملك والمفروض عدم حصوله فكيف يتصوّر معه جواز التصرّف ، استبعاد محض لا يصغى إليه ، مع أنّ جواز التصرّف يتبع الإباحة المالكيّة الّتي أمضاها الشارع على ما هو مفروض القول بالإباحة ، فإنّ ذلك ليس بأبعد من حصول البيعيّة أو هي مع الملك أو هما مع اللزوم فيما فرض عدم قصد شيء من ذلك ، بل هذا أبعد بمراتب شتّى من حصول جواز التصرّف مجرّداً عن الملك
__________________
(١) الجواهر ٢٢ : ٢٢٥.