حجّة لمكان انتقاض أحد الأصلين بيقين تجدّد ملك مردّد في النظر والأصل الآخر مشتبه به فسقط عن الحجّية ، فيبقى أصالة عدم سلطنتهما على الترادّ سليمة ، وهي تقضي بعود العين إلى الناقل على معنى صيرورتها ملكاً له ليكون الأصل المذكور بالقياس إليه مثبتاً ، لأنّا لسنا بصدد إثبات الملك للناقل بل بصدد بيان عدم عود الجواز بمعنى السلطنة على الاسترجاع ، والأصل المذكور كافٍ في ذلك ولا حاجة إلى إثبات الملك الناقل فتدبّر.
ومن طريق بيان كون نقل العينين كالتلف ملزماً للمعاطاة يعلم أنّه لا فرق فيه بين النقل مع العوض ـ كالأمثلة المتقدّمة ـ والنقل بلا عوض كالهبة الغير المعوّضة لذي رحم والصدقة والوقف ، لأنّ الجهة المقتضية للّزوم وهو امتناع الترادّ مشترك اللزوم بينهما.
وفي حكم نقل الملك في إفادة اللزوم الإخراج عن الملك كالعتق لكونه فكّ ملك ، والوقف العامّ على القول بكونه فكّاً للملك لامتناع الترادّ معه أيضاً. بل ومن تضاعيف المسألة يظهر أنّه لا يجوز لهما ترادّ بدلي العينين فيما لو غصب العينين غاصب وأتلفه فرجعا عليه ببدلهما مثلاً أو قيمة ، إذ المقتضي لجواز المعاطاة إنّما اقتضاه في نفس العينين لا البدلين ، هذا كلّه في النقل اللازم. ولو كان النقل جائزاً كالهبة الغير المعوّضة لغير ذي رحم والبيع أو الصلح بطريق المعاطاة مثلاً فالظاهر أنّه كالنقل اللازم في إفادة اللزوم ليس لكلّ من المتعاطيين إلزام الناقل باسترجاع عينه ، ولا رجوعه بنفسه إلى عينه ، أمّا الأوّل فلأصالة عدم سلطنته على الإلزام ، وأمّا الثاني فلأنّ أثر المعاطاة في العين قد زال بالنقل المفروض ، والأثر المتجدّد فيها حاصل عن سبب آخر ولا سلطنة له على إزالة ذلك الأثر.
وأمّا نقل إحدى العينين فالظاهر أنّه كنقل ملك العينين في إفادة اللزوم من غير خلاف يظهر ، فليس لصاحب العين المنتقلة إلى الغير الرجوع بها ، ولا لصاحب العين الباقية الرجوع بعينه ، أمّا الأوّل فلأنّ أثر المعاطاة قد زال عنها والأثر المتجدّد ليس من المعاطاة فلا سلطنة له على إزالته ، وأمّا الثاني فلأنّه إمّا أن يرجع بعينه الباقية بلا عوض عمّا نقله لمالكه الأصلي أو يرجع بها مع العوض مثلاً أو قيمة ، والأوّل باطل للزوم الجمع بين العوض والمعوّض وكذلك الثاني لأصالة عدم استحقاق صاحب العين