عموم العلّة المنصوصة أن لا يكون قصدهما معتبراً في العقود أيضاً. ولكن ذلك مبنيّ على التزام تحقّق القصد من المجنون وأنّ عدم صحّة عقده باعتبار كون هذا القصد كلا قصد ، ومرجعه إلى أنّ القصد الّذي هو ملاك صحّة العقود على ما سيأتي هو القصد الناشئ عن القوّة العاقلة والملكة النفسانيّة لا مطلق القصد وإن لم ينشأ منها ، فليتدبّر.
فرعان :
أحدهما : إذا أوجب أحد المتعاقدين وهو عاقل وصاحبه غير عاقل ولمّا فرغ أفاق صاحبه فقبل عاقلاً ، أو أنّه لمّا فرغ جنّ فقبل الآخر حال جنونه ، فقد يقال فيه بالصحّة. ولا يخلو عن إشكال ، لظهور معاقد الإجماعات في اعتبار وجود العقل لكلّ من الموجب والقابل حال تلفّظه بما هو وظيفته من صيغتي الإيجاب والقبول وتلفّظ صاحبه بما هو وظيفته أيضاً ، مع أنّ الربط المعنوي لا يتحقّق بينهما إلّا على تقدير تعقّل كلّ منهما وفهمه لمدلولي الصيغة الصادرة منه والصيغة الصادرة من صاحبه.
ثانيهما : لو وقع العقد والتقابض بين ناقصين كصبيّين أو مجنونين أو صبيّ ومجنون فتلف ما في يد كلّ منهما بإتلافه أو بغير إتلافه كان الضمان عليهما إن لم يأذنهما وليّهما في التعاقد ، وعلى وليّهما إن أذنهما فيه لأنّه السبب بإذنه في الإتلاف والتلف. وقد يفرّط في تضمين الوليّين وإن لم يأذنهما فيه إذا اطّلعا وعلما بإرادتهما وقصّرا في منعهما لأنّ الوليّ منصوب لحفظ المولّى عليه وحفظ ماله فتلفه يستند إلى تقصيره ، وليس ببعيد. ولو وقع العقد والتقابض بين كامل وناقص لا ضمان على الناقص ، لأنّ الكامل ضيّع ماله حيث دفعه إلى الناقص وسلّطه على إتلافه ، بخلاف الكامل فإنّه يضمن مال الناقص لعموم «على اليد» وعموم «من أتلف».