أي لا أملك شيئاً ، فتكون الآية في مقام بيان عدم مالكيّة المملوك شيئاً حتّى أنّ ما في يده لمولاه. وحاصل معناها حينئذٍ أنّه إذا حاز حطباً أو حشيشاً ليتملّك لا يملك ، ولو قبل هبة أو وصيّة ليتملّك الموهوب أو الموصى به لا يملك ، حتّى أنّه لو مات مورّث له لا يملك الإرث. وعلى هذا فالآية خارجة عن محلّ المقام فيسقط بها الاستدلال.
ويمكن دفعها بالروايات الّتي منها المرويّ عن الفقيه بسنده عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام وأبي عبد الله عليهالسلام قالا : «المملوك لا يجوز نكاحه ولا طلاقه إلّا بإذن سيّده ، قلت : فإن كان السيّد زوّجه بيد من الطلاق؟ قال : بيد السيّد «ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ» فشيء الطلاق» (١) فإنّ استشهاد الإمام عليهالسلام لنفي قدرته على الطلاق بالآية يأبى عن كون المراد بالقدرة المنفيّة هو الملك ، ولو سلّم فوجب حمل الملك على ما يعمّ ملك الطلاق ، لا خصوص الملك المعتبر في الأموال وحاصله السلطنة ، فمعنى أنّه «لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ» أنّه لا يتسلّط على شيء حتّى إجراء العقد وإيقاع الطلاق ، ومرجعه إلى نفي استقلاله في التصرّفات الّتي منها تصرّفاته الإنشائيّة ، فليتدبّر.
وأمّا الجهة الثانية : ففي كفاية الإجازة المتأخّرة من السيّد في نفوذ تصرّفاته الإنشائيّة إشكال : من أنّ المنع هنا ليس لحيثيّة راجعة إلى العوضين اللذين يتعلّق بكلّ منهما حقّ المالك له فله أن يرضى بما وقع على ماله من التصرّف وله أن لا يرضى ، بل لحيثيّة راجعة إلى نفس الإنشاء الصادر من المملوك من حيث كونه تصرّفاً في نفسه الّذي هو ملك لسيّده. ووجه الفرق بينهما أنّ الإجازة على الحيثيّة الاولى إنّما تتعلّق بمضمون العقد وهو انتقال المال بعوض فيقع للمجيز ، وعلى الثانية تتعلّق بأصل الإنشاء من حيث كونه تصرّفاً خاصّاً في ملك الغير من دون إذنه فلا تنفع في رفع قبحه العقلي ولا في زوال تحريمه الشرعي الموجب للإثم والعصيان.
ومن عموم أدلّة وجوب الوفاء بالعقود المقتضي لنفوذ التصرّفات وترتّب الآثار عليها ، ولا ينافيه عدم استقلال العبد في تلك التصرّفات المستفاد من الآية المتقدّمة
__________________
(١) الوسائل ٢٢ : ١٠١ / ١ ، ب ٤٥ أبواب مقدّمات الطلاق ، التهذيب ٧ : ٣٤٧ / ١٤١٩.