المنافع المقصودة ، وأيّاً ما كان فالمحرّم في الأرواث إنّما هو أكلها وهو ليس منفعة مقصودة منه ، والمنفعة المقصودة منه إنّما هو الإيقاد وجريها مجرى الحطب والتسميد وما أشبه [ذلك] ، وهذه ليست محرّمة ، فالأرواث لا تندرج في عموم النبويّ ، فعمومات الجواز والصحّة حينئذٍ سليمة عمّا يزاحمها.
لا يقال : البيع مشروط بالملك ولا يصحّ بيع ما لا يملك ، وجريان الملك في الأرواث محلّ منع ، وإلّا لوجب ضمانها بالإتلاف وغيره من أسباب الضمان ولتحقّق فيها الغصب ولتحقّق فيها السرقة ، واللوازم بأسرها باطلة وكذا الملزوم ، كما قيل نظيره في الأبوال استناداً إلى الوجوه المذكورة على ما ستعرفه.
لأنّ الصحيح المقطوع به جريان الملك في الأرواث الطاهرة ، للسيرة القطعيّة في جميع الأعصار والأمصار المستقرّة على تملّك المسلمين لها وترتيب آثار الملك عليها من غير نكير ، مضافاً [إلى] أنّها تملك بالحيازة بلا خلاف لعموم «على اليد ما أخذت» (١) وبقاعدة النمائيّة القاضية بتبعيّة النماء للعين في الملك كما في اللبن والشعر والصوف والوبر وما أشبه ذلك ، ولا ريب أنّ الأرواث نماءات لهذه الحيوانات فتكون مملوكة لصاحبها تبعاً.
والوجوه المستدلّ بها على نفي الملكيّة مدخولة ، لوضوح منع بطلان اللوازم فإنّها تضمن بالإتلاف ، لعموم «من أتلف مال الغير فهو ضامن» وبالغصب ، لعموم «على اليد ما أخذت» ويتحقّق فيها الغصب سواء فسّرناه بالاستيلاء على مال الغير عدواناً أو بأخذه ظلماً. ويتحقّق فيها السرقة إن فسّرناه بمفهومه اللغوي أعني أخذ الشيء خفية ، وإن فسّر بلازمه الشرعي وهو ما يوجب القطع فلعلّ عدم تحقّقه حينئذٍ لعدم تحقّق شرائط القطع فيها ـ من بلوغ المسروق ربع دينار وكونه أخذ من المحرز ـ ولو فرض تحقّق الشرائط يتوجّه المنع إلى عدم صدق ما يوجب القطع ، وغاية ما هنالك أنّ القطع غير واقع. ولعلّه من جهة المسامحات العرفيّة لخساسة هذه الأشياء. وعلى هذا فلا يجوز إتلافها عدواناً ويحرم غصبها ، فلو غصبها وجب ردّها إن كانت العين باقية ، وإلّا وجب
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٤ / ١٠٦ ، المستدرك ١٧ : ١٨ / ٤ ، ب ١ كتاب الغصب.