.................................................................................................
______________________________________________________
الحكم في الحضرية دون السفرية) محتجا بحجة أبي الصلاح : (وهو وجوب الواحدة وعدم البراءة الا بالكل ، لوجوب التعيين في النية) وقال : وانما وافق في الأولى للنص والإجماع ، وادعى ان إلحاق هذه بالحاضرة قياس : وأجيب بمنع القياس ، بل هو إثبات حكم في صورة ، لثبوته في أخرى مساوية لها من كل وجه ، وذلك يسمى دلالة التنبيه ومفهوم الموافقة ، كما في تحريم التأفيف وما ساواه أو زاد عليه ، هذا ان استدل بالحديث ، وان استدل بالعقل وهو البراءة الأصلية ، لم يرد ما ذكر ، مع ان الحديث ليس من قسم المتواتر ، بل الآحاد ، وهو لا يعمل به ، والإجماع الذي ادعاه على الاولى ، ان أراد به اتفاق الكل فهو ممنوع ، لما عرفت من مخالفة أبي الصلاح ، وان كان لعدم اعتبار خلافه ـ لكونه معلوم الأصل والنسب ، فلا يقدح في الإجماع ـ كان دليلنا هنا أيضا الإجماع ، لأن المخالف هنا كذلك فلا يقدح فيه (١)
فيه تأمل ، لأن قوله (بل هو إلخ) هو القياس ، ومعلوم عدم الاتحاد من كل وجه وثبوت فرق في الجملة.
على ان ذلك ليس بالتنبيه ومفهوم الموافقة ، لاعتبار أولوية الحكم المذكور في المنطوق في المسكوت عنه كما في التأفيف (٢) ورؤية مثقال ذرة (٣) والامانة بدينار (٤) والقنطار (٥) وهو ظاهر ومصرح في موضعه ، خصوصا مختصر ابن الحاجب وشرحه.
وانه انما يعتبر مفهوم الموافقة ودليل التنبيه ، إذا علم العلة المقتضية للحكم ، وتعليله بها فقط في المنطوق مع وجودها في المفهوم ، وهو أيضا مصرح.
نعم قد يكون ذلك مظنونا ، وذلك لا يعتبر عند مانعي القياس على الظاهر الا ان يكون منصوصة ، والقياس المنصوص معتبر ، على انه قال بعض الأصوليين بأنه
__________________
(١) إلى هنا كلام الشارح قدس سره في روض الجنان ص ٣٥٨
(٢) إشارة إلى قوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) الاسراء : ٢٣
(٣) إشارة إلى قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزلة : ٧ ـ ٨
(٤ ـ ٥) إشارة إلى قوله تعالى (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) آل عمران : ٧٥