قال ابن عطية (١) : وروي عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال إن الممسوخ لا ينسل ، ولا يأكل ، ولا يشرب ، ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام. قاله القرطبي. وهذا هو الصحيح.
واحتج ابن العربيّ وغيره على أن الممسوخ يعيش ، وينسل ، لقوله عليه الصلاة والسلام : «إنّ أمة من بني إسرائيل لا يدرى ما فعلت ولا أراها إلا الفأر ألا ترونها إذا وضع لها ألبان الإبل لم تشربه وإذا وضع لها ألبان الشّاة تشربها» (٢).
ويقول جابر رضي الله عنه : أتي النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بضبّ فأبى أن يأكل منه وقال : «لا أدري لعلّه من القرون التي مسحت». (٣)
وروى البخاري عن عمر بن ميمن أنه قال : «رأيت في الجاهلية قردة قد زنت فرجموها فرجمتها معهم» (٤).
قال ابن العربي : فإن قيل : كيف تعرف البهائم الشرائع حتى ورثوها خلفا عن خلف إلى زمان عمر؟
قلنا : نعم! كان ذلك ؛ لأن اليهود غيّروا الرّجم ، فأراد الله أن يقيمه في مسوخهم حتى يكون أبلغ في قيام الحجّة على ما أنكروا وغيّروه ، حتى تشهد عليهم كتبهم ، وأخبارهم ، ومسوخهم ، حتى يعلموا أنّ الله يعلم ما يسرّون وما يعلنون.
قال القرطبي : ولا حجّة في شيء من ذلك ، أما حديث الفأر والضّبّ فكان هذا حدسا منه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قبل أن يوحى إليه أنّ الممسوخ لا يعيش ولا ينسل.
وأما حديث القردة ففي بعض الروايات لم يذكروا فيها أنها زنت إنما ذكر الرّجم فقط ، وإنما أخرجه البخاري دلالة على أن [عمرو بن ميمون أدرك الجاهلية ، ولم يبال بظنه الذي ظنه في الجاهلية ، وذكر ابن عبد البر أن](٥) عمرو بن ميمون من كبار التابعين من الكوفيين ، هو الذي رأى الرجم في الجاهلية من القردة.
«فجعلناها» فعل وفاعل ومفعول.
__________________
(١) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ١٦٠.
(٢) أخرجه مسلم في الصحيح ٤ / ٢٢٩٤ كتاب الزهد (٥٣) باب (١١) حديث ٦١ / ٢٩٩٧ وأخرجه أبو داود في السنن ٢ / ٣٨١ عن ثابت بن وديعة كتاب الأطعمة باب في أكل الضب حديث رقم ٣٧٩٥ والنسائي في السنن ٧ / ١٩٩.
وابن ماجه في السنن حديث رقم ٣٢٣٨.
وأحمد في المسند ٤ / ١٩٦ ، ٣٤٠ ـ وابن حبان في الموارد حديث رقم ١٠٧٠ ـ وابن أبي شيبة ٨ / ٧٨ ، ٧٩ ، ٨١ ، ٨٥.
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٣ / ٣٢٣ ، ٣٨٠).
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح (٥ / ١٣١) كتاب المناقب باب القسامة في الجاهلية حديث رقم (٣٨٤٩).
(٥) سقط في ب.