«نكالا» مفعول ثان ل «جعل» التي بمعنى «صير» ، والأول هو الضمير ، وفيه أقوال:
أحدها : يعود على المسخة.
وقيل : على القرية ، لأن الكلام يقتضيها كقوله : (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) [العاديات : ٤] أي : بالمكان.
وقيل : على العقوبة.
وقيل : على الأمة.
«النكال» : المنع ، ومنه : النّكل ، والنّكل : اسم للقيد من الحديد ، واللّجام ؛ لأنه يمنع به ، وسمي العقاب نكالا ؛ لأنه يمنع به غير المعاقب أن يفعل فعله ، ويمنع المعاقب أن يعود إلى فعله الأول.
و «التنكيل» : إصابة الغير بالنّكال ليردع غيره ، ونكل عن كذا ينكل نكولا : امتنع ، وفي الحديث : «إنّ الله يحب الرّجل النّكل» (١) أي : القوي على الغرس.
«والمنكل» : ما ينكّل به الإنسان ، قال : [الرجز]
٥٦٧ ـ فارم على أقفائهم بمنكل (٢)
والمعنى : أنا جعلنا ما جرى على هؤلاء عقوبة رادعة لغيرهم.
والضمير في «يديها» و «خلفها» كالضمير في «جعلناها».
قال ابن الخطيب (٣) : لما قبلها وما معها وما بعدها من الأمم والقرون ، لأن مسخهم ذكر في كتب الأولين ، فاعتبروا بها ، «ما يحضرها من [القرون](٤) والأمم. وما خلفها من بعدهم.
وقال الحسن : عقوبة لجميع ما ارتكبوه من هذا الفعل ، وما بعده.
و «موعظة» عطف على «نكالا» وهي «مفعلة» ، من الوعظ وهو التخويف.
وقال الخليل : «التذكير بالخير فيما يرق له القلب».
والاسم : «العظة» ك «العدة» و «الزّنة» و «للمتّقين» متعلّق ب «موعظة» ، واللام للعلّة ، وخصّ المتّقين بالذّكر وإن كانت موعظة لجميع العالم البرّ والفاجر ؛ لأن المنتفع بها هم المتقون دون غيرهم ، ويجوز أن تكون اللام [مقوية](٥) ؛ لأن «موعظة» فرع على
__________________
(١) ذكره أبو عبيد الهروي في كتاب غريب الحديث ١ / ٣٩٧.
(٢) البيت لرياح المؤملي وهو في اللسان (نكل) ، القرطبي ١ / ٣٠١ ، والدر المصون ١ / ٢٥٢.
(٣) ينظر الفخر الرازي : ٣ / ١٠٤.
(٤) في أ : القرى.
(٥) في أ : تقوية.