وقول الآخر : [الطويل]
٥٨٢ ـ وتشرق [بالقول] (١) الّذي قد أذعته |
|
كما شرقت صدر القناة من الدّم (٢) |
أنّث فعل المرّ والصّدر لما أضيفا لمؤنث ، وقرىء (٣) : تلتقطه بعض السيارة [يوسف : ١٠].
وقيل : لأن المراد باللّون هنا الصّفرة ، وهي مؤنّثة ، فحمل على المعنى في ذلك ، ويقال : أصفر فاقع ، وأبيض ناصع ، ويقق ولهق ولهاق ، وأخضر ناضر ، وأحمر قانىء ، وأسود حالك وحائك وحلكوك ، ودجوجيّ وغربيب ، وبهيم.
وقيل : «البهيم الخالص من كل لون».
وبهذا يظهر أن «صفراء» على بابها من اللون المعروف لا سوداء كما قاله بعضهم : فإن الفقوع من صفة الأصفر خاصّة ، وأيضا فإنه مجاز بعيد ، ولا يستعمل ذلك إلا في الإبل لقرب سوادها من الصّفرة ، كقوله تعالى : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات : ٣٣] وقال : [الخفيف]
٥٨٣ ـ تلك خيلي منه وتلك ركابي |
|
هنّ صفر أولادها كالزّبيب (٤) |
فإن قيل : هلّا قيل : صفراء فاقعة؟ وأي فائدة في ذكر اللون؟
فالجواب : فائدته التأكيد ؛ لأن اللون اسم للهيئة ، وهي الصّفرة ، فكأنه قال : شديدة الصفرة صفرتها فهو من قولك : جدّ جدّه.
وعن وهب : إذا نظرت إليها خيّل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها ، فمعنى قوله: (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) أي : يعجبهم حسنها وصفاء لونها ، لأن العين تسر بالنظر إلى الشيء الحسن.
قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : من لبس نعلا صفراء قلّ همه ؛ لأن الله تعالى يقول : (صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)(٥).
__________________
(١) في أ : بالأمر.
(٢) البيت للأعشى ينظر ديوانه : ص ١٧٣ ، وخزانة الأدب : ٥ / ١٠٦ ، والدرر : ٥ / ١٩ ، وشرح أبيات سيبويه : ١ / ٥٤ ، والكتاب : ١ / ٥٢ ، ولسان العرب (صدر) ، (شرق) ، والمقاصد النحوية : ٣ / ٣٧٨ ، والأزهية : ص ٢٣٨ ، والأشباه والنظائر : ٥ / ٢٥٥ ، والخصائص : ٢ / ٤١٧ ، ومغني اللبيب : ٢ / ٥١٣ ، والمقتضب : ٤ / ١٩٧ ، ١٩٩ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٤٩ ، والدر : ١ / ٢٥٧.
(٣) ستأتي في يوسف (١١٠).
(٤) البيت للأعشى. ينظر ديوانه : (٣٣٥) ، الأضداد : (١٣٨) ، اللسان (خشب) ، الدر المصون : ١ / ٢٥٧.
(٥) أخرجه الطبراني في «الكبير» كما في «المجمع» (٥ / ١٣٨) وابن أبي حاتم والخطيب والديلمي كما في «الدر المنثور» (١ / ١٥١) عن ابن عباس موقوفا والحديث ذكره ابن أبي حاتم في «العلل» (٢ / ٣١٩) ـ