قال الكسائي ؛ يقال : فقع لونها يفقع فقوعا ، إذا خلصت صفرته ، والإفقاع : سوء الحال ، وفواقع الدهر : بوائقه ، وفقّع بأصابعه : إذا صوّت ، ومنه حديث ابن عباس : «نهى عن التّفقيع في الصلاة» ، وهي الفرقعة ، وهي غمز الأصابع حتى تنقض ، قاله القرطبي.
واختلفوا هل كانت جميعها صفراء حتى قرونها وأظلافها ، أو الصفرة المعتادة؟ قولان. وفي قوله : «فاقع» لطيفة ، وهي أنه وصفها باسم الفاعل الذي هو نعت للدوام والاستمرار. يعني : في الماضي والمستقبل.
وفي قوله : «تسرّ» لطيفة ، وهي أنه أتى بصيغة المضارع وهو يقتضي التجدّد والحدوث ، بخلاف الماضي.
وفي قوله : «النّاظرين» آية لطيفة ، وهي أنه أتى بصيغة الجمع المحلّى بالألف واللام ، ليعمّ كلّ ناظر منفردين ومجتمعين.
وقيل : المراد بالنظر نظر البصر للمرء والمرأة أو المراد به النظر بعين اليقين ، وهو التفكر في المخلوقات.
قوله : (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) جملة في محل رفع صفة ل «بقرة» أيضا ، وقد تقدم أنه يجوز أن تكون خبرا عن «لونها» بالتأويلين المذكورين.
و «السرور» لذّة في القلب عند حصول نفع أو توقّعه ، ومنه [السرير](١) الذي يجلس عليه إذا كان لأولي النعمة ، وسرير الميت تشبيها به في الصورة وتفاؤلا بذلك.
قوله : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) تقرير للسؤال عن حالها وصفتها ، واستكشاف زائد ، ليزدادوا بيانا لوصفها ، وفي مصحف عبد الله : «سل لنا ربك يبين لنا ما هي؟ وما صفتها».
قوله : (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) البقر : اسم إن ، وهو اسم جنس كما تقدم.
وقرأ محمد (٢) ذو الشامة الأموي : «إنّ الباقر» وهو جمع البقر ك «الجامل» جماعة الجمل ؛ قال الشاعر : [الكامل]
٥٨٤ ـ ما لي رأيتك بعد عهدك موحشا |
|
خلقا كحوض الباقر المتهدّم (٣) |
__________________
ـ وقال : رواه سهل بن عثمان العسكري عن ابن العذراء عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وقال : قال أبي : هذا حديث كذب موضوع.
وذكره الهيثمي في «المجمع» وعزاه للطبراني في «الكبير» وقال : وفيه ابن العذراء غير مسمى ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات.
(١) في ب : السرر.
(٢) وقرأ بها عكرمة ويحيى بن يعمر.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ١٦٣ ، والبحر المحيط : ١ / ٤١٩ ، والدر المصون : ١ / ٢٥٨.
(٣) ينظر معاني القرآن للزجاج : ١ / ١٢٧ ، البحر : ١ / ٤١٩.