وقال أبو البقاء (١) : وقيل : هو مستأنف ، ثم قال : وهو بعيد عن الصّحة لوجهين :
أحدهما : أنه عطف عليه قوله : (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) ، فنفى المعطوف ، فيجب أن يكون المعطوف عليه كذلك ؛ لأنه في المعنى واحد ، ألا ترى أنك لا تقول : مررت برجل قائم ولا قاعد ، بل تقول : لا قاعد بغير واو ، كذلك يجب أن يكون هذا.
وذكر الوجه الثاني لما تقدم ، وأجاز أيضا أن يكون «تثير» في محلّ رفع صفة ل «ذلول» ، وقد تقدم خلاف هل يوصف الوصف أم لا؟
فهذه ستة أوجه تلخيصها : أنها حال من الضمير في «ذلول» ، أو من «بقرة» ، أو صفة ل «بقرة» ، أو ل «ذلول» ، أو مستأنفة بإضمار مبتدأ ، أو دونه.
قوله : (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها) الكلام في هذه كالكلام فيما قبلها من كونها صفة ل «بقرة» ، أو خبر لمبتدأ محذوف.
وقال الزمخشري : و «لا» الأولى للنفي يعني الدّاخلة على «ذلول».
والثانية مزيدة لتأكيد الأولى ؛ لأن المعنى : لا ذلول تثير [الأرض](٢) وتسقي ، على أن الفعلين صفتان ل «ذلول» ، كأنه قيل : لا ذلول مثيرة وساقية.
وقرىء (٣) : «تسقى» بضم التاء من «أسقى».
وإثارة الأرض : تحريكها وبحثها ، ومنه : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) [الروم : ٩] أي : بالحرث والزراعة ، وفي الحديث : «أثيروا القرآن فإنّه علم الأوّلين والآخرين».
وفي رواية : «من أراد العلم فليثوّر القرآن» (٤).
وجملة القول أن البقرة لا يكون بها نقص ، فإن الذلول بالعمل لكونها تثير الأرض ، وتسقي الحرث لا بد وأن يظهر بها النقص.
قال القرطبي : قال الحسن : وكانت تلك البقرة وحشية ، ولهذا وصفها الله ـ تعالى ـ بأنها لا تثير الأرض ، ولا تسقي الحرث (٥).
وقال : الوقف ـ هاهنا ـ حسن.
و «مسلّمة» قيل : من العيوب مطلقا.
__________________
(١) ينظر الاملاء : ١ / ٤٣.
(٢) سقط في ب.
(٣) انظر الكشاف : ١ / ١٥٧ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٢٢ ، والدر المصون : ١ / ٢٦٠ ، والشواذ : ٧.
(٤) الحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» (٧ / ١٦٨) عن عبد الله بن مسعود موقوفا وقال : رواه الطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.
(٥) أخرجه الطبري في تفسيره (٢ / ١٩٩) عن الحسن.