مصرف : «لمّا» بتشديد «الميم» في الموضعين قال ابن عطية (١) : «وهي قراءة غير متّجهة».
وقرأ أيضا (٢) : «ينشقّ» بالنون وفاعله ضمير «ما».
وقال أبو البقاء : ويجوز أن يكون فاعله ضمير «الماء» ؛ لأن «يشّقّق» يجوز أن يجعل ل «الماء» على المعنى ، فيكون معك فعلان ، فيعمل الثاني منهما في الماء ، وفاعل الأول مضمر على شريطة التفسير.
وعند الكوفيين يعمل الأول ، فيكون في الثاني ضمير ، يعني : أنه من باب التنازع ، ولا بد من حذف عائد من «يشقق» على «ما» الموصولة دلّ عليه قوله : «منه» ، والتقدير : وإن من الحجارة لما يشقق الماء منه ، فيخرج الماء منه.
وقال أيضا : ولو قرىء : «تتفجّر» بالتاء جاز. قال أبو حاتم : يجوز «لما تتفجر» بالتاء ؛ لأنه أنثه بتأنيث الأنهار ، وهذا لا يكون في «تشقق» يعني التأنيث.
قال النّحّاس : يجوز ما أنكره على المعنى ، لأن المعنى : وإن منها الحجارة تتشقق يعني فيراعى به معنى «ما» ، فإنها واقعة على الحجارة.
قوله : (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ).
قال أبو مسلم : «الضمير في قوله : (وَإِنَّ مِنْها) راجع إلى «القلوب» ، فإنه يجوز عليها الخشية ، والحجارة لا يجوز عليها الخشية. وقد تقدم ذكر القلوب كما تقدم ذكر الحجارة ، وأقصى ما في الباب أن الحجارة أقرب المذكورين إلّا أنّ هذا الوصف أليق بالقلوب من الحجارة ، فوجب رجوع الضمير إلى «القلوب» دون «الحجارة» ، وفيه بعد لتنافر الضّمائر.
وقال جمهور المفسرين : الضمير عائد إلى «الحجارة».
وقالوا : يجوز أن يكون حقيقة على معنى أن الله خلق فيها قابليّة لذلك ، وأن المراد من ذلك جبل موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ حين تقطع وتجلّى له ربه ، وذلك لأن الله ـ
__________________
ـ وانظر في قراءة طلحة بن مصرف المحرر الوجيز : ١ / ١٦٧ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٣٠ ، والدر المصون : ١ / ٢٦٤.
(١) ينظر المحرر الوجيز : ١ / ١٦٧.
(٢) أي طلحة بن مصرف ، قال أبو حيان : «وفي النسخة التي وقفت عليها من تفسير ابن عطية ما نصه : وقرأ ابن مصرف ينشقق بالنون وقافين ، والذي يقتضيه اللسان أن يكون بقاف واحدة مشددة ، وقد يجيء الفك في شعر ، فإن كان المضارع مجزوما جاز الفك فصيحا ، وهو هنا مرفوع فلا يجوز الفك ، إلا أنها قراءة شاذة ، فيمكن أن يكون ذلك فيها ، وأما أن يكون المضارع بالنون مع القافين وتشديد الأولى منهما فلا يجوز ...».
انظر البحر المحيط : ١ / ٤٣١ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٦٧ ، والدر المصون : ١ / ٢٦٤ ، وفيه قراءة ابن مصرف هكذا : «ينشقّ».