وأما «حسنى» بغير تنوين فمصدر ك «البشرى والرّجعى».
وقال النحاس (١) في هذه القراءة : ولا يجوز هذا في العربية ، لا يقال من هذا شيء إلا بالألف واللام ، نحو : الكبرى والفضلى. هذا قول سيبويه (٢) ، وتابعه ابن عطية على هذا ، فإنه قال : ورده سيبويه ؛ لأن «أفعل» و «فعلى» لا يجيء إلا معرفة إلّا أن يزال عنها معنى التّفضيل ، ويبقى مصدرا ك «العقبى» ، فذلك جائز ، وهو وجه القراءة بها. انتهى وناقشه أبو حيان وقال (٣) : في كلامه ارتباك ؛ لأنه قال : لأن «أفعل» و «فعلى» لا يجيء إلا معرفة ، وهذا ليس بصحيح.
أما «أفعل» فله ثلاثة استعمالات.
أحدها : أن يكون معها «من» ظاهرة أو مقدرة ، أو مضافا إلى نكرة ، ولا يتعرف في هذين بحال.
الثّاني : أن تدخل عليه «أل» فيتعرف بها.
الثالث : أن يضاف إلى معرفة فيتعرف على الصحيح.
وأما «فعلى» فلها استعمالان :
أحدهما : بالألف واللام.
والثاني : الإضافة لمعرفة ، وفيها الخلاف السابق.
وقوله : «إلا أن يزال عنها معنى التفضيل ، وتبقى مصدرا» ظاهر هذا أن «فعلى» أنثى «أفعل» إذا زال عنها معنى التفضيل تبقى مصدرا وليس كذلك ، بل إذا زال عن «فعلى» أنثى «أفعل» معنى التفضيل صارت بمنزلة الصفة التي لا تفضيل فيها ؛ ألا ترى إلى تأويلهم «كبرى» بمعنى كبيرة ، «وصغرى» بمعنى صغيرة ، وأيضا فإن «فعلى» مصدر لا ينقاس ، إنما جاءت منها الألفاظ ك «العقبى والبشرى» ثم أجاب الشيخ عن هذا الثاني بما معناه أن الضمير في قوله : «عنها» عائد إلى «حسنى» لا إلى «فعلى» أنثى «أفعل» ، ويكون استثناء منقطعا كأنه قال : إلا أن يزال عن «حسنى» التي قرأ بها أبيّ معنى التفضيل ، ويصير المعنى : إلا أن يعتقد أن «حسنى» مصدر لا أنثى «أفعل».
وقوله : «وهو وجه القراءة بها» أي والمصدر وجه القراءة بها. وتخريج هذه القراءة على وجهين :
أحدهما : المصدر ك «البشرى» وفيه الأوجه المتقدمة في «حسنا» مصدرا ، إلا أنه يحتاج إلى إثبات «حسنى» مصدرا من قول العرب : حسن حسنى ، كقولهم : رجع
__________________
(١) ينظر إعراب القرآن : ١ / ١٩١.
(٢) ينظر الكتاب : ٢ / ٣٧١.
(٣) ينظر البحر المحيط : ١ / ٤٥٣.