رجعى ، إذ مجيء «فعلى» مصدرا لا ينقاس.
والوجه الثاني : أن تكون صفة لموصوف محذوف ، أي : وقولوا للناس كلمة حسنى ، أو مقالة حسنى ، وفي الوصف بها حينئذ وجهان :
أحدهما : أن تكون للتفضيل ، ويكون قد شذّ استعمالها غير معرفة ب «أل» ، ولا مضافة إلى معرفة ، كما شذّ قوله : [البسيط]
٦٢١ ـ وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة |
|
يوما سراة كرام النّاس فادعينا (١) |
وقوله : [الرجز]
٦٢٢ ـ في سعي دنيا طالما قد مدّت (٢)
والوجه الثاني : أن تكون لغير التفضيل ، فيكون معنى حسنى : حسنة ك «كبرى» في معنى كبيرة ، أي : وقولوا للناس مقالة حسنة ، كما قال : يوسف أحسن إخوته في معنى حسن إخوته انتهى.
وبهذا يعلم فساد قول النحاس.
وأما من قرأ (٣) : «إحسانا» فهو مصدر وقع صفة لمصدر محذوف ، أي : قولا إحسانا [وفيه تأويل مشهور](٤) ، ف «إحسانا» مصدر من أحسن الذي همزته للصيرورة ، أي : قولا ذا حسن ، كما تقول : أعشبت الأرض ، أي : صارت ذا عشب.
فإن قيل : لم خوطبوا ب «قولوا» بعد الإخبار؟
فالجواب من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه على طريقة الالتفات ، كقوله تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) [يونس : ٢٢].
الثاني : فيه حذف ، أي : قلنا لهم : قولوا.
الثالث : الميثاق لا يكون إلا كلاما كأنه قيل : قلت : لا تعبدوا وقولوا.
__________________
(١) البيت لبشامة بن حزن النهشلي ينظر خزانة الأدب : ٨ / ٣٠١ ، ولسان العرب (جلل) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي : ص ١٠١ ، وعيون الأخبار : ١ / ٢٨٧ ، وله أو لبعض بني قيس بن ثعلبة في شرح المفصل : ٦ / ١٠١ ، وبلا نسبة في المحتسب : ٢ / ٣٦٣. والدر المصون : ١ / ٢٨٠.
(٢) البيت للعجاج. ينظر ديوانه : (١ / ٤١٠) ، الكشاف : (٤ / ٣٥٣) ، ابن يعيش : (٦ / ١٠٠) ، خزانة الأدب : (٨ / ٩٦) ، ٢٩٨ ، ٢٩٩ ، ٣١٦) ، والدر المصون : ١ / ٢٨٠.
(٣) قرأ بها الكوفيون : عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وستأتي هذه القراءة في «الأحقاف» آية ١٥ ، وقد قرأ بها الجحدري هنا.
انظر الحجة للقراء السبعة : ٢ / ١٢٧ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٥٣.
(٤) سقط في ب.