قوله تعالى : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) ، وقد صرّح الزمخشري ـ رحمهالله ـ بأنه جواب الشّرط ، وفيه النّظر المذكور ، وجوابه ما تقدم. و «عدوّا» خبر «كان» ، ويستوي فيه الواحد وغيره ، قال : «هم العدوّ» ـ والعداوة : التجاوز قال الرّاغب : فبالقلب يقال : العداوة وبالمشي يقال : العدو ، وبالإخلال في العدل يقال : العدوان وبالمكان أو النسب يقال : قوم عدى أي غرباء.
و «لجبريل» يجوز أن يكون صفة ل «عدوّا» فيتعلّق بمحذوف ، وأن تكون اللام مقوية لتعدية «عدوّا» إليه.
و «جبريل» اسم ملك وهو أعجمي ، فلذلك لم ينصرف ، وقول من قال : «إنّه مشتقّ من جبروت الله» بعيد ؛ لأن الاشتقاق لا يكون في الاسماء الأعجمية ، وكذا قول من قال : إنه مركّب تركيب الإضافة ، وأن «جبر» معناه : عبد ، و «إيل» اسم من أسماء الله ـ تعالى ـ فهو بمنزلة عبد الله ؛ لأنه كان ينبغي أن يجرى الأول بوجوه الإعراب وأن ينصرف الثاني [وهذا القول مرويّ عن ابن عبّاس ، وجماعة من أهل العلم ، فقال أبو علي السّنوي : وهذا لا يصحّ لوجهين :
أحدهما : أنه لا يعرف من أسماء الله «إيل».
والثاني : أنه لو كان كذلك لكان آخر الاسم مجرورا](١). وقال المهدوي : إنه مركّب تركيب مزج نحو : حضرموت وهذا بعيد أيضا ؛ لأنه كان ينبغي أن يبنى الأول على الفتح ليس إلّا.
وردّ عليه أبو حيّان بأنه لو كان مركبا تركيب مزج لجاز فيه أن يعرب إعراب المتضايفين ، أو يبنى على الفتح كأحد عشر ، فإن كلّ ما ركب تركيب المزج [يجوز فيه هذه الأوجه ، وكونه لم يسمع فيه البناء ، ولا جريانه مجرى المتضايفين دليل على عدم تركيبه تركيب المزج](٢) وهذا الرد لا يحسن ردّا ؛ لأنه جاء على أحد الجائزين ، واتفق أنه لم يستعمل إلا كذلك.
قال القرطبي رحمهالله تعالى : والصّحيح في هذه الألفاظ أنها عربية نزل بها جبريل ـ عليه الصّلاة والسّلام ـ بلسان عربي مبين.
قال النحاس : ويجمع جبريل على التكسير جباريل ، وقد تصرفت فيه العرب على عادتها في الأسماء الأعجمية ، فجاءت فيه بثلاث عشرة لغة.
أشهرها وأفصحها : «جبريل» بزنة قنديل ، وهي قراءة أبي عمرو (٣) ، ونافع وابن
__________________
(١) سقط في : ب.
(٢) سقط في : أ.
(٣) انظر العنوان في القراءات السبع : ٧١ ، وحجة القراءات : ١٠٧ ، والحجة : ٢ / ١٦٣ ، وإتحاف : ١ / ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٥٠ ، وشرح شعلة : ٢٧٠.