قال القرطبي : كما دخلت همزة الاستفهام على «الفاء» في قوله : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ) [المائدة : ٥٠] ، (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَ) [يونس : ٤٢] ، (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ) [الكهف : ٥٠].
وعلى «ثم» كقوله : (أَثُمَّ إِذا ما).
وقد تقدم أن الزمخشري يقدر بين الهمزة وحرف العطف شيئا يعطف عليه ما بعده ، لذلك قدره هنا : أكفروا بالآيات البينات ، وكلما عاهدوا.
وقرأ أبو السّمال العدوي (١) : «أو كلما» ساكنة الواو ، وفيها ثلاثة أقوال : فقال الزمخشري : إنها عاطفة على «الفاسقين» ، وقدره بمعنى إلا الذين فسقوا أو نقضوا ، يعني به : أنه عطف الفعل على الاسم ؛ لأنه في تأويله كقوله : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا) [الحديد : ١٨] أي : الذين اصّدّقوا وأقرضوا.
وفي هذا كلام يأتي في سورته إن شاء الله تعالى.
وقال المهدوي : «أو» لانقطاع الكلام بمنزلة «أم» المنقطعة ، يعني أنها بمعنى «بل» ، وهذا رأى الكوفيين ، وقد تقدم تحريره وما استدلّوا به من قوله : [الطويل]
٦٨٧ ـ .......... |
|
... أو أنت في العين أملح(٢) |
في أول السورة.
وقال بعضهم : هي بمعنى «الواو» فتتفق القراءتان ، وقد وردت «أو» بمنزلة «الواو» كقوله : [الكامل]
٦٨٨ ـ .......... |
|
ما بين ملجم مهره أو سافع (٣) |
(خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً) [النساء : ١١٢] (آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] فلتكن [هنا](٤) كذلك ، وهذا أيضا رأي الكوفيين.
والناصب ل «كلّما» بعده ، وقد تقدم تحقيق القول فيها ، وانتصاب «عهدا» على أحد وجهين : إما على المصدر الجاري على غير الصدر وكان الأصل : «معاهدة» أو على المفعول به على أن يضمن عاهدوا معنى «أعطوا» ويكون المفعول الأول محذوفا ، والتقدير : عاهدوا الله عهدا.
__________________
(١) انظر الشواذ : ١٦ ، والمحرر الوجيز : ١ / ١٨٥ ، والبحر المحيط : ١ / ٤٩٢ ، والدر المصون : ١ / ٣١٦
(٢) تقدم برقم ٢٢٧.
(٣) عجز بيت لحميد بن ثور صدره :
قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم
ينظر شواهد المغني : ١ / ٦٣ ، العيني : ٤ / ١٤٦ ، اللسان (سفع) ، شرح التصريح : ٢ / ١٤٦ ، شرح الأشموني : ٣ / ١٠٧ ، الدر المصون : ١ / ٣١٧.
(٤) في ب : هذه القراءة.