٧٢٧ ـ أمون كألواح الإران نسأتها |
|
على لاحب كأنّه ظهر (١)](٢) |
وهو ضعيف لقوله تعالى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها ؛) لأن ما أمضي وأقرّ لا يقال فيه : فأت بخير منه.
وأما قراءة غير الهمز على اختلاف وجوهها أيضا ففيها احتمالان :
أظهرهما : أنها من النّسيان ، وحينئذ يحتمل أن يكون المراد به في بعض القراءات ضدّ الذكر ، وفي بعضها الترك.
فإن قيل : وقوع هذا النسيان [يمتنع](٣) عقلا ونقلا.
أما العقل فلأن القرآن لا بدّ من انتقاله إلى أهل التواتر ، والنسيان على أهل التواتر بأجمعهم ممتنع.
وأما النقل فلقوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩].
والجواب عن الأول من وجهين :
الأول : أن النسيان يصح بأن يأمر الله ـ تعالى ـ بطرحه من القرآن ، وإخراجه من جملة ما يتلى ، ويؤتى به في الصّلاة ويحتج به ، فإذا زال حكم التعبّد به قال : العهد نسي ، وإن ذكر فعلى طريق ما يذكر خبر الواحد ، فيصير لهذا الوجه منسيا من الصدور ، وأيضا روي : أنهم كانوا يقرءون السورة ، فيصبحون وقد نسوها. وعن الثاني أنه معارض بقوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [الأعلى : ٦ ـ ٧] وبقوله : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ) [الكهف : ٢٤].
والثاني : أن أصله الهمز من النّسيء ، وهو التأخير ، إلا أنه أبدل من الهمزة ألف فحينئذ تتحد القراءتان.
ثم من قرأ من القراء : «ننساها» من الثلاثي فواضح.
وأما من قرأ منهم من «أفعل» ، وهم نافع وابن عامر والكوفيون ، فمعناه عندهم : «ننسكها» ، أي : نجعلك ناسيا لها ، أو يكون المعنى نأمر بتركها ، يقال : أنسيته الشيء ، أي : أمرته بتركه ، ونسيته : تركته ؛ وأنشدوا : [الرجز]
٧٢٨ ـ إنّ عليّ عقبة أقضيها |
|
لست بناسيها ولا منسيها (٤) |
أي : لا تاركها ولا آمرا بتركها.
__________________
(١) البيت لطرفة بن العبد. ينظر ديوانه : (٢٢) ، شرح القصائد العشر : (١٤١) ، البحر المحيط : ١ / ٥٠٦ ، والدر المصون : ١ / ٣٣٨.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : ممنوع.
(٤) ينظر البحر المحيط : ١ / ٥١٤ ، القرطبي : ٢ / ٤٧ ، الدر المصون : ١ / ٣٣٧.