للكافر ، وقوله عليه الصلاة والسلام : «من حلف على يمين ليقتطع بها مال امرى مسلم
__________________
ـ قرائن دالة على أنه ليس من جنس كلام البشر ؛ كعدم الترتيب ، والاستماع من جهة واحدة ، فينتهوا عن طلب الرؤية تعليل سقيم ؛ لأنهم سمعوا التكليم بالأمر والنهي حينما دخلوا مع موسى ـ عليهالسلام ـ الغمام ، وخروا سجدا ، وأيقنوا أنه من عند الله ـ تعالى ـ ، فما بالهم قد رجعوا بعد هذا ، وقالوا : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) فدل كل هذا على أنه إنما سألها لنفسه ، فتكون جائزة.
الاعتراض الرابع :
وهو بمنع الملازمة مع منع دليلها ، وحاصله أنهم قالوا : لا نسلم لزوم العبث في سؤالها عند العلم بالامتناع ، لجواز أن يكون ذلك لفائدة هي زيادة الطمأنينة ؛ وذلك أن موسى ـ عليهالسلام ـ سأل ربه رؤية ذاته لنفسه ، وهو عالم بامتناعها علما عقليا ؛ لتأكد الدليل العقلي بالسمعي ، فيزداد علمه ويقوى يقينه بتعاضد الأدلة ، وغير خاف أن تكرار الأدلة لو كانت من جنس واحد ـ تفيد زيادة الاطمئنان ، فكيف إذا كانت من جنسين : سمعي وعقلي ، وقد أجيب عن هذا الاعتراض : بأنه لو كان المراد كما تقول المعتزلة ؛ من طلب موسى ـ عليهالسلام ـ الدليل السمعي الدال على امتناعها ، واستحالتها لزيادة العلم لخوطب بما يدل على الامتناع ، لا على نفي الواقع الدال على الإمكان ، والقول بأن هذا مثل ما وقع للخليل ـ عليهالسلام ـ مردود ؛ لأنه قياس مع الفارق ؛ لأن الخليل ـ عليهالسلام ـ إنما طلب أن يرى إحياء الموتى ؛ ليطمئن قلبه ، وليس في هذا ما يوهم بجهله بما لا يليق في حقه ـ تعالى ـ ، على أنه قيل : إن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ لم يكن عالما من قبل الطلب ، حتى يكون تأكيدا ؛ وذلك أنه أوحي إليه من ربه : إني اصطفيتك إنسانا خليلا ، وعلامته : أني أحيي الموتى بدعائه ، فظن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ أنه ذلك الإنسان ، فطلب الإحياء ، ليطمئن قلبه ، وما قيل في الجواب أن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كان يخاطب جبريل ـ عليهالسلام ـ عند نزوله بالوحي ؛ ليعلم أنه من عند الله ، فضعيف ؛ لأن الخطاب صريح في أنه كان يخاطب الرب ـ سبحانه تعالى ـ ، وجبريل ليس برب ؛ فإن الرب وإن أطلق على غير الله ـ تعالى ـ بمعنى المربي ؛ كقوله : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) لكن إضافته إلى نفسه مما لا يليق بشأن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ ، وكيف يكون الخطاب لجبريل وهو يطلب إحياء الموتى ، وهذا ليس بمقدور لجبريل عليهالسلام ـ ، فيكون منه عبثا.
الاعتراض الخامس :
هو موجه على دليل الملازمة أيضا ، أعني : منافاة النبوة ، وحاصله : تسليم أنه غير عالم بامتناعها ، ومنع أن هذا مناف للنبوة ، وإنما الذي ينافيها هو الجهل بالوحدانية ، وما أمر بتبليغه من الأوامر والنواهي ؛ لجواز أن يكون امتناعها وجوازها من الأمور التي مرجعها طريق السمع ، على أنه يجوز ألا تكون الرؤية من شريعة موسى ـ عليهالسلام ـ ، وحينئذ لا يضر الجهل بامتناعها والسؤال عنها ، والحالة هذه صغيرة لا يمتنع مثلها على الأنبياء.
أجيب : أولا :
أن هذا يقتضي أن موسى ـ عليهالسلام ـ دون آحاد المعتزلة ، بل ودون من حصل طرفا من علم الكلام.
ثانيا : أن المعتزلة يدعون العلم الضروري بأن كل ما كان مرئيا فإنه يجب أن يكون مقابلا ، أو في حكم المقابل ، وحينئذ لا يخلو الحال : إما أن يكون موسى ـ عليهالسلام ـ حصل له هذا العلم ، أولم يحصل ، فإن كان الأول ، كان موسى ـ عليهالسلام ـ مجوزا كونه تعالى حاصلا في جهة وحيز ، وهو محال ، وإن كان الثاني ، لم يكن عالما بجميع العلوم الضرورية ، وهو نقص في حقه ـ عليهالسلام ـ ، فثبت أن القول بأن موسى غير عالم بامتناعها باطل فاسد ؛ لما يترتب عليه من الفساد. وقولهم : إن ـ