ببناء البيت ، فسأل الله ـ تعالى ـ أن يبين له موضعه ، فبعث الله السّكينة ليدله على موضع البيت ، فتبعها حتى أتيا «مكة» ، هذا قول علي رضي الله تعالى عنه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بعث الله سحابة على قدر الكعبة ، وذهب إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ في ظلها إلى أن وافت «مكة» فوقعت على موضع البيت ، فنودي منها يا إبراهيم ابن على ظلها ولا تزد ولا تنقص.
[وقيل : أرسل الله جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ ليدله على موضع البيت قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : بني البيت من خمسة أجبل : طور سيناء ، وطور زيتا ، ولبنان جبال بالشام ، والجودي : جبل بالجزيرة (١) وقواعده من حراء جبل بمكة المشرفة ، فلما انتهى لموضع الحجر قال لإسماعيل ـ عليه الصلاة والسلام ـ يطلبه فصاح أبو قبيس : يا إبراهيم إنّ لك عندي وديعة فخذها ، فأخذ الحجر الأسود ، فوضعه مكانه.
وقيل : إن الله تبارك وتعالى بنى البيت المعمور في السماء ، وسمي «صراح» ، وأمر الملائكة أن يبنوا الكعبة في الأرض بحياله على قدره وبقية الكلام على البيت يأتي في سورة «الحج» إن شاء الله ـ تعالى ـ والله أعلم](٢).
قوله : (مِنَ الْبَيْتِ) فيه وجهان :
أحدهما : أنه متعلّق ب «يرفع» ومعناها ابتداء الغاية.
والثاني : أنها في محل نصب على الحال من «القواعد» ، فيتعلّق بمحذوف تقديره : كائنة في البيت ، ويكون معنى «من» التبعيض [روى ابن كثير (٣) ـ رحمهالله ـ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ، «أن القواعد حجارة كأسنمة البخت بعضها من بعض ، وحكى عن رجل من قريش ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها ؛ ليخرج بها أحدهما ، فتحركا تحرك الرجل ، فانتفضت مكة بأسرها ، فانتهوا عن ذلك الأساس».
وقيل : أبصر القوم برقة ، كادت تخطف بصر الرجل فبرأ الرجل من يده ، فوقع في موضعه ، فتركوه ورجعوا إلى بنيانهم](٤).
قوله : (وَإِسْماعِيلُ) فيه قولان :
أحدهما : وهو الظاهر ـ أنه عطف على «إبراهيم» ، فيكون فاعلا مشاركا له في الرفع ، ويكون قوله : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا) في محلّ نصب بإضمار القول ، ذلك القول في محل نصب على الحال منهما ، أي : يرفعان يقولان : ربنا تقبل ، ويؤيد هذا قراءة عبد الله
__________________
(١) قال ابن كثير : وهو غريب. ينظر تفسيره : ١ / ١٧٣.
(٢) سقط في ب.
(٣) ينظر تفسير ابن كثير : ١ / ١٨١.
(٤) سقط في ب.