بإظهار فعل القول ، قرأ : «يقولان : ربّنا تقبّل» أي ؛ قائلين ذلك ، ويجوز ألا يكون هذا القول حالا ، بل هو جملة معطوفة على ما قبلها ، ويكون هو العامل في «إذ» قبله ، والتقدير : يقولان : ربنا تقبل إذ يرفعان ، أي : وقت رفعهما.
والثّاني : الواو [واو الحال](١) ، و «إسماعيل» مبتدأ وخبره قول محذوف هو العامل في قوله : (رَبَّنا تَقَبَّلْ) فيكون إبراهيم هو الرّافع ، وإسماعيل هو الدّاعي فقط ، قالوا : لأن إسماعيل كان حينئذ طفلا صغيرا ، ورووه عن علي ـ رضي الله عنه ـ والتقدير إذ يرفع إبراهيم حال كون إسماعيل يقول : ربنا تقبّل منّا.
وفي المجيء بلفظ «الرب» جل وعز تنبيه بذكر هذه الصفة على التربية والإصلاح.
و «تقبّل» بمعنى «اقبل» ، ف «تفعّل» هنا بمعنى المجرد.
وتقدم الكلام على نحو (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ) من كون «أنت» يجوز فيه التأكيد والابتداء والفصل. وتقدمت صفة السّمع ، وإن كان سؤال التقبل متأخرا عن العمل للمجاورة ، كقوله تعالى : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ) [آل عمران : ١٠٦] وتأخرت صفة العلم ؛ لأنها فاصلة ، ولأنها تشمل المسموعات وغيرها.
[فإن قيل : قوله : (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) يفيد الحصر ، وليس الأمر كذلك ، فإن غيره قد يكون سميعا.
فالجواب أنه تعالى لكماله في هذه الصفة كأنه هو المختص بها دون غيره](٢).
قوله : (مُسْلِمَيْنِ) مفعول ثان للجعل ؛ لأنه بمعنى [التصيير ، والمفعول الأول هو](٣) «نا».
وقرأ (٤) ابن عباس «مسلمين» بصيغة الجمع وفي ذلك تأويلان :
أحدهما : أنهما أجريا التثنية مجرى الجمع ، وبه استدل من يجعل التثنية جمعا.
والثاني : أنهما أرادا أنفسهما وأهلهما ك «هاجر».
قوله : (لَكَ) فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلق ب «مسلمين» لأنه بمعنى نخلص لك أوجهنا نحو : «أسلمت وجهي لله» فيكون المفعول محذوفا لفهم المعنى.
__________________
(١) في أ : للحال.
(٢) سقط في ب.
(٣) في أ : كالقصير ، والقول الأول ثبوتا.
(٤) وقرأ بها عوف الأعرابي.
انظر المحرر الوجيز : ١ / ٢١١ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٥٩ ، والدر المصون : ١ / ٣٧٠.