وَمَلائِكَتُهُ) [الأحزاب : ٤٣] أن يكون التقدير : وملائكته يصلون لاختلاف مدلول الصّلاتين ، وتأولوا ذلك على قدر مشترك بينهما ، وقوله : «لك» فيه الوجهان المتقدمان بعد «مسلمين».
فصل
إنما خص بعضهم ؛ لأنه ـ تعالى ـ أعلمهما [أن](١) في ذريتهما الظالم بقوله (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
وقيل : أراد به العرب ؛ لأنهم من ذريتهما.
وقيل : هم أمّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لقوله تعالى : (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) [البقرة : ١٢٩].
فإن قيل : قوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) كما يدلّ على أن في ذريّته من يكون ظالما فكذلك [يوجب فيهم من لا يكون ظالما](٢) ، فإذن كون بعض ذريته أمة مسلمة صار معلوما بتلك الآية ، فما الفائدة في طلبه بالدعاء مرة أخرى؟
فالجواب : تلك الدلالة ما كانت قاطعة ، والشفيق بسوء الظن مولع.
فإن قيل : لم خص ذريتهما بالدعاء (٣) أليس أن هذا يجرى مجرى البخل في الدعاء؟
فالجواب : الذرية أحق بالشفقة والمصلحة قال الله تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) [التحريم : ٦] ولأن أولاد الأنبياء إذا صلحوا صلح بهم غيرهم.
والأمة هنا : الجماعة ، وتكون واحدا إذا كان يقتدى به في الخير ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ) [النحل : ١٢٠]. وقد يطلق لفظ الأمّة على غير هذا المعنى [كقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) أي دين وملة](٤). ومنه قوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) [الأنبياء : ٩٢].
وقد تكون بمعنى الحين والزمان ، ومنه قوله تعالى : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [يوسف : ٤٥] أي : بعد حين وزمان.
ويقال هذه أمة زيد ، أي أمّ زيد ، والأمة أيضا : القامة ، يقال : فلان حسن الأمّة ، أي : حسن القامة ؛ قال : [المتقارب]
٧٨٧ ـ وإنّ معاوية الأكرمي |
|
ن حسان الوجوه طوال الأمم (٥) |
__________________
(١) في ب : وأما.
(٢) سقط في أ.
(٣) زاد في أ : مرة أخرى.
(٤) سقط في ب.
(٥) البيت للأعشى. ينظر ديوانه : (٩١) ، القرطبي : ٢ / ١٨٧ ، اللسان (أمم).