وقال الطبري : إن أم يستفهم بها وسط كلام قد تقدم صدره.
قال أبو حيان في قول ابن عطية : «ولم أقف لأحد من النحويين على ما قال».
وقال في قول الطبري : وهذا أيضا قول غريب.
الثالث : أنها متصلة ، وهو قول الزمخشري.
قال الزمخشري بعد أن جعلها منقطعة ، وجعل الخطاب للمؤمنين قال بعد ذلك : وقيل : الخطاب لليهود ؛ لأنهم كانوا يقولون : ما مات نبي إلا على اليهودية ، إلا أنهم لو شهدوه ، وسمعوا ما قاله لبنيه ، وما قالوه لظهر لهم حرصه على ملّة الإسلام ، ولما ادّعوا عليه اليهودية ، فالآية الكريمة منافية لقولهم ، فكيف يقال لهم : أم كنتم شهداء؟
ولكن الوجه أن تكون «أم» متصلة على أن يقدر قبلها محذوف كأنه قيل : أتدّعون على الأنبياء اليهودية أم كنتم شهداء ، يعني أن أوائلكم من بني إسرائيل كانوا مشاهدين له إذ أراد بنيه على التوحيد وملّة (١) الإسلام ، فما لكم تدّعون على الأنبياء (٢) ما هم منه براء؟
قال أبو حيان (٣) : ولا أعلم أحدا أجاز حذف هذه الجملة ، لا يحفظ ذلك في شعر ولا غيره ، لو قلت «أم زيد» تريد : «أقام عمرو أم زيد» لم يجز ، وإنما يجوز حذف المعطوف عليه مع الواو والفاء إذا دلّ عليه دليل كقولك : «بلى وعمرا» لمن قال : لم يضرب زيدا ، وقوله تعالى : (فَانْفَجَرَتْ) [البقرة : ٦٠] أي فضرب فانفجرت ، وندر حذفه مع «أو» ؛ كقوله : [الطويل]
٧٩٩ ـ فهل لك أو من والد لك قبلنا |
|
.......... (٤) |
أي : من أخ أو والد ، ومع حتى كقوله : [الطويل]
٨٠٠ ـ فواعجبا حتّى كليب تسبّني |
|
كأنّ أباها نهشل أو مجاشع (٥) |
أي : يسبني الناس حتى كليب ، على نظر فيه ، وإنما الجائز حذف «أم» مع ما عطفت كقوله : [الطويل]
__________________
(١) زاد في أ : إبراهيم أي.
(٢) زاد في أ : اليهودية.
(٣) ينظر البحر المحيط : ١ / ٥٧٢.
(٤) صدر بيت لأمية الهذلي. وعجزه :
يرشح أولاد العشار ويفضل
ينظر شرح أشعار الهذليين : ٢ / ٥٣٧ ، شرح عمدة الحافظ : ص ٦٧٠ ، المقاصد النحوية : ٤ / ١٨٢ ، وللهذلي في همع الهوامع : ٢ / ٢ / ١٤٠ ، شرح الأشموني : ٢ / ٤٣٢ ، الدر المصون : ١ / ٣٧٨.
(٥) البيت للفرزدق. ينظر ديوانه : ١ / ٤١٩ ، وخزانة الأدب : ٥ / ٤١٤ ، ٩ / ٤٧٥ ، ٤٧٦ ، ٤٧٨ ، والدرر : ٤ / ١١٢ ، وشرح شواهد المغني : ١ / ١٢ ، ٣٧٨ ، وشرح المفصل : ٨ / ١٨ ، والكتاب : ٣ / ١٨ ، ومغني اللبيب : ١ / ١٢٩ ، وشرح المفصل : ٨ / ٦٢ ، والمقتضب : ٢ / ٤١ ، وهمع الهوامع : ٢ / ٢٤ ، ورصف المباني : ص ١٨١ ، والدر : ١ / ٣٧٨.