المضاف إليه مقامه](١) لأن معنى كونوا هودا : اتبعوا اليهودية أو النصرانية.
الثاني : أنه منصوب على خبر «كان» ، أي : بل نكون ملّة أي : أهل ملّة كقول عدي ابن حاتم : «إني من دين» أي من أهل دين ، وهو قول الزّجّاج (٢) ، وتبعه الزمخشري.
الثالث : أنه منصوب على الإغراء ، أي : الزموا ملّة ، وهو قول أبي عبيدة ، وهو كالوجه الأول في أنه مفعول به ، وإن اختلف العامل.
الرابع : أنه منصوب على إسقاط حرف الجر ، والأصل : نقتدي بملّة إبراهيم ، فلما حذف الحرف انتصب.
وهذا يحتمل أن يكون من كلام المؤمنين ، فيكون تقدير الفعل : بل نكون ، أو نتبع ، أو نقتدي كما تقدم ، وأن يكون خطابا للكفار ، فيكون التقدير : كونوا أو اتبعوا أو اقتدوا.
وقرأ (٣) ابن هرمز ، وابن أبي عبلة «ملّة» رفعا وفيها وجهان :
أحدهما : أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي : بل ملتنا ملّة إبراهيم ، أو نحن ملة ، أي : أهل ملة.
الثاني : أنها مبتدأ حذف خبره ، تقديره : ملة إبراهيم ملتنا.
قوله : (حَنِيفاً) في نصبه أربعة أقوال :
أحدها : أنه حال من «إبراهيم» ؛ لأن الحال تجيء من المضاف إليه قياسا في ثلاثة مواضع على ما ذكر بعضهم (٤).
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر معاني القرآن : ١ / ١٩٤.
(٣) انظر الشواذ : ١٠ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٢١٤ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٧٧ ، والدر المصون : ١ / ٣٨٣.
(٤) حقّ صاحب الحال أن يكون مجرورا بالإضافة ، كما لا يكون صاحب الخبر ؛ لأن المضاف إليه مكمّل للمضاف ، وواقع منه موقع التنوين ، فإن كان المضاف بمعنى الفعل ، حسن جعل المضاف إليه صاحب حال ؛ لأنه في المعنى فاعل أو مفعول ، نحو : «إليه مرجعكم جميعا» وعرفت قيام زيد مسرعا.
وجوّز البصريون وصاحب «البسيط» مجيء الحال من المضاف إليه مطلقا ، وهذا مذهب سيبويه ، وخرّجوا عليه «إن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين».
وجوّزه الأخفش وابن مالك إن كان المضاف جزء ما أضيف إليه ، أو مثل جزئه ، نحو : «ما في صدورهم من غلّ إخوانا» ، ونحو : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ورد هذا المصنّف ، وجعل «إخوانا» منصوبا على المدح على ما سيأتي ، «وحنيفا» حال من «ملة» بمعنى : دين ، والسر في هذا الخلاف ؛ أنهم اختلفوا في : هل يجب أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحبها ، أم لا يجب ذلك؟.
فذهب سيبويه : إلى أنه لا يجب أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها ، بل يجوز أن يكون العامل فيهما واحدا ، وأن يكون مختلفا ، وعلى ذلك ؛ أجاز أن يجيء الحال من المضاف إليه مطلقا.
وذهب غيره : إلى أنه لا بد من أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحبها ، وترتّب على ذلك ألا يجوّزوا أن يجيء الحال من المضاف ، إلا إذا توفر له واحد مما ذكر ؛ وذلك لأن المضاف إن ـ