وقال آخر : [الوافر]
١٠٥١ ـ عسى الكرب الّذي أمسيت فيه |
|
يكون وراءه فرج قريب (١) |
وقال آخر : [الوافر]
١٠٥٢ ـ فأمّا كيّس فنجا ولكن |
|
عسى يغترّ بي حمق لئيم (٢) |
وتكون تامّة ، إذا أسندت إلى «أن» أو «أنّ» ؛ لأنهما يسدّان مسدّ اسمها وخبرها ، والأصحّ أنها فعل ، لا حرف ، لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها.
قال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ) [محمد : ٢٢] ويرتفع الاسم بعده فقوله «عسى زيد» معناه : قرب ووزنها «فعل» بفتح العين ، ويجوز كسر عينها ، إذا أسندت لضمير متكلم ، أو مخاطب أو نون إناث وهي قراءة نافع (٣) ، وستأتي إن شاء الله تعالى ولا تتصرّف بل تلزم المضيّ. والفرق بين الإشفاق والترجّي بها في المعنى :
أنّ الترجّي في المحبوبات ، والإشفاق في المكروهات.
و «عسى» من الله تعالى واجبة ؛ لأنّ الترجّي والإشفاق محالان في حقّه. وقيل : كلّ «عسى» في القرآن للتحقيق ، يعنون الوقوع ، إلّا قوله تعالى : (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) [التحريم : ٥] وهي في هذه الآية ليست ناقصة ؛ فتحتاج إلى خبر ، بل تامة ، لأنها أسندت إلى «أن» ، وقد تقدّم أنها تسدّ مسدّ الخبرين بعدها. وزعم الحوفيّ أنّ : «أن تكرهوا» في محلّ نصب ، ولا يمكن ذلك إلا بتكلّف بعيد.
قوله : (وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) في هذه الجملة وجهان :
أظهرهما : أنها في محلّ نصب على الحال ، وإن كانت من النكرة بغير شرط من الشروط المعروفة قليلة.
والثاني : أن تكون في محلّ نصب على أنها صفة ل «شيئا» وإنما دخلت الواو على الجملة الواقعة صفة ؛ لأنّ صورتها صورة الحال ، فكما تدخل الواو عليها حالية ، تدخل عليها صفة ، قاله أبو البقاء ومثل ذلك ما أجازه الزمخشريّ في قوله : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) [الحجر : ٤] فجعل «ولها كتاب» صفة لقرية ، قال : وكان القياس ألّا تتوسّط هذه الواو بينهما ؛ كقوله : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) [الشعراء : ٢٠٨] وإنما توسّطت ؛ لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ، كما يقال في الحال : «جاءني زيد عليه ثوب ، وعليه ثوب». وهذا الذي أجازه أبو البقاء هنا ،
__________________
(١) ينظر : الكتاب ١ / ١٥٩ ، الخزانة ٤ / ٨٢ ، المحتسب ١ / ١١٩ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٦٣ ، والدر المصون ١ / ٥٢٦.
(٢) ستأتي في البقرة «٢٤٦».
(٣) ينظر : الإملاء لأبي البقاء ١ / ٩٢.